فرش الحروف:
وبعد أن أنهى المؤلف مباحثه في الأصول شرع في القسم الأكبر من كتابه وهو ما يتعلّق بفرش الحروف، ويمتاز هذا البحث بما يأتي:
١ - يسير في ترتيب السّور حسب الترتيب المتّبع في المصحف إلا أنّه قد يخالف في تسمية بعض السّور كتسميته لسورة الإسراء بسورة بني إسرائيل والتكوير بكوّرت والنّبأ بالتّساؤل وغير ذلك.
٢ - قد يخالف ترتيب تسلسل بعض الآيات في بعض سور القرآن كتقديمه لقوله تعالى: يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ في سورة البقرة (٢٧٣) على قوله تعالى: وَلا تَيَمَّمُوا (٢٦٧). وقدم قوله تعالى: حَتَّى يَمِيزَ في سورة آل عمران (١٧٩) على قوله تعالى:
وَلا يَحْزُنْكَ (١٧٦)، وقدم الآية (٩٢) من سورة الأنعام وهي قوله تعالى: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى على قوله تعالى: تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ (٩١).
٣ - يتطرّق أحيانا عند كلامه على فرش بعض الحروف إلى أمور تتصل بمواد الأصول كالإدغام والإمالة والهمز والوقف وما إلى ذلك، مع أنّه قد يكون ذكر ذلك في بابه في القسم الأول من الكتاب، كالذي نراه في قوله تعالى: حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ في سورة النساء (٩٠) حيث نصّ المؤلف على أنّ يعقوب وحده قرأ هذه الآية «حصرة صدورهم» بالنصب والتنوين والباقون قرءوا ذلك بإسكان التّاء. ثم تطرّق إلى موضوع الإدغام والإظهار فذكر أنّ نافعا وابن كثير وعاصما قد أظهروا التاء، في حين أدغمها الباقون. وفي سورة هود عند قوله تعالى: وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ (٦٦) ذكر فيها أنّ نافعا والكسائي قرآ ذلك بفتح الميم. ثم تطرّق إلى الإدغام والإظهار فذكر أنّ شجاعا عن أبي عمرو بالإدغام، واليزيدي عنه إذا آثر ذلك، والباقون بالإظهار.
٤ - كما أنّه يذكر أحيانا حروفا تدخل ضمن أبواب الأصول الصّرفة، مع أنّه قد يكون ذكر ذلك فيما تقدّم من تلك الأبواب. فمن ذلك قوله تعالى في سورة البقرة: فِيهِ الْقُرْآنُ (١٨٥) فيوضّح فيه اختلاف القراء في همزه وعدم همزه، فذكر أنّ ابن كثير وحده بغير همز وما كان منه حيث كان اسما، وتابعه حمزة إذا وقف، والباقون بالهمز فيهما في الحالين حيث كان.
ومن ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران: التَّوْراةَ (٣) حيث ذكر مذاهب القراء في إمالة هذا الحرف، فذكر أنّ ابن كثير وعاصما ويعقوب وهشاما عن ابن عامر- بالفتح، وقالون عن نافع بين الفتح والكسر وهو إلى الفتح أقرب، والباقون بالكسر.
وفي سورة هود يذكر اختلاف القراء في إدغام قوله تعالى: ارْكَبْ مَعَنا (٤٢) فيشير إلى
1 / 49