163
﴿وإن خفتم أن لا تُقسطوا﴾: ألا تعدلوا ﴿في اليتامى﴾ (أي: في نكاح اليتامى) وهمَّكم ذلك ﴿فانكحوا ما طاب﴾ أَي: الطَّيِّب ﴿لكم من النساء﴾ يعني: من اللاتي تحلُّ دون المحرَّمات والمعنى: أنَّ الله سبحانه قال لنا: فكما تخافون ألا تعدلوا بين اليتامى إذا كفلتموهم فخافوا أيضًا ألا تعدلوا بين النساء إذا نكحتموهن قانكحوا من النِّساء ﴿مثنى﴾ أَي: اثنتين اثنتين ﴿وثلاث﴾ ثلاثًا ثلاثًا ﴿ورباع﴾ أربعًا أربعًا ﴿فإن خفتم أن لا تعدلوا﴾ أَيْ: في الأربع ﴿فواحدة﴾ أَيْ: فلينكح كلُّ واحدٍ منكم واحدةً و﴿ذلك﴾ أنَّ نكاح هؤلاء النِّسوة على قلَّة عددهنَّ ﴿أدنى﴾ أَيْ: أقربُ إلى العدل وهو قوله: ﴿أن لا تعدلوا﴾ أَيْ: تميلوا وتجوروا
﴿وآتوا النساء﴾ أَيُّها الأزواج ﴿صدقاتهنَّ﴾ مهورهنَّ ﴿نحلة﴾ فريضةً وتديُّنًا ﴿فإنْ طبن لكم﴾ أَيْ: إنْ طابت لكم أنفسهنَّ ﴿عن شيء﴾ من الصَّداق ﴿فكلوه هنيئًا﴾ في الدُّنيا لا يقضي به عليكم سلطانٌ ﴿مريئًا﴾ في الآخرة لا يؤاخذكم الله به
﴿ولا تؤتوا السفهاء﴾ أَي: النِّساء والصِّبيان ﴿أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا﴾ لمعايشتكم وصلاح دنياكم يقول: لا تعمدْ إلى مالك الذي خوَّلك الله وجعله لك معيشةً فتعطيه امرأتك وبنيك فيكونوا هم الذين يقومون عليك ثمَّ تنظر إلى ما في أيديهم ولكن أمسك مالك وأصلحه وكن أنت الذي تنفق عليهم في كسوتهم ورزقهم وهو قوله: ﴿وارزقوهم فيها﴾ (أي: اجعلوا لهم فيها رزقًا) ﴿واكسوهم وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا﴾ أَيْ: عِدَةً جميلةً من البرِّ والصِّلة
﴿وابتلوا اليتامى﴾ أَيْ: اختبروهم في عقولهم وأديانهم ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾ أَيْ: حال النِّكاح من الاحتلام ﴿فإن آنستم﴾ أبصرتم ﴿منهم رشدًا﴾ صلاحًا للعقل وحفظًا للمال ﴿ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا﴾ أَيْ: لا تبادروا بأكل مالهم كبرَهم ورشدهم حذر أن يبلغوا فيلزمكم تسليم المال إليهم ﴿وَمَنْ كان غنيًّا﴾ من الأوصياء ﴿فليستعف﴾ عن مال اليتيم ولا يأكل منه شيئًا ﴿ومَنْ كان فقيرًا فليأكل بالمعروف﴾ يقدِّر أجرة عمله ﴿فإذا دفعتم﴾ أَيُّها الأولياء ﴿إليهم﴾ إلى اليتامى ﴿أموالهم فأشهدوا عليهم﴾ لكي إنْ وقع اختلافٌ أمكن الوليِّ أن يقيم البيِّنة على ردِّ المال إليه ﴿وكفى بالله حسيبًا﴾ محاسبًا ومجازيًا للمحسن والمسيء

1 / 252