Wajh Akhar Li Masih
الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
Genres
Treatise on Resurrection : «إن الوجود الإنساني هو نوع من الموت الروحي، أما القيامة فهي لحظة الكشف والاستنارة التي تنقل العارف إلى عالم جديد، وإن من يصحو على هذه الحقيقة يغدو حيا من الناحية الروحية، إن باستطاعتك الانبعاث من عالم الموتى هنا والآن، هل أنت مجرد جسد فان؟ هلا تفحصت نفسك ووعيت بأنك قد قمت من بين الأموات.»
29
ويعرض إنجيل فيليب الفكرة نفسها، عندما يسخر ممن ينظر حرفيا إلى مسألة قيامة الجسد، فيقول بأن من يعتقد أن عليه أن يموت أولا ثم يبعث هو على ضلال؛ لأن بمقدوره أن يبعث وهو حي،
30
إن البعث والقيامة عند الغنوصيين ليس بعث الأجساد وعودة الحياة إليها، ومثل هذا البعث لن يحصل، بل البعث هو استفاقة الروح على حقيقتها، ولا يحققه إلا العارفون، قال يسوع في إنجيل توما الغنوصي الفقرة 11: «هذه السماء ستزول، والتي فوقها ستزول، ولكن الذين هم أموات لن يحيوا، والذين هم أحياء لن يموتوا».
31
إن إنكار القيامة يستتبع عند الغنوصيين إنكار مفهوم التاريخ الدينامي الذي يسعى نحو مستقبل مجيد وباهر، عندما يتخلص العالم من بذور الشر التي زرعت فيه منذ القدم، فالعالم ليس حسنا وخيرا في أصله، بل هو شر من حيث الأساس، والتاريخ لا يسعى نحو غاية وليس له معنى، وما على الإنسان إلا الهروب من العالم ورفضه، بدلا من انتظار النهاية السعيدة؛ لأن الروح الحبيسة في المادة لن تنعتق إلا من خلال الغنوص الذي يرجع بها إلى عالم النور.
إن المسيحية القويمة تؤمن بأن يسوع قد مات على الصليب، ثم بعث جسديا في اليوم الثالث، وأن المؤمنين به سوف يبعثون بالطريقة نفسها، أما الغنوصيون فيعتقدون بأن المسيح لم يصلب ولم يقم بجسده في اليوم الثالث، وأن من رآه من التلاميذ بعد الصلب قد واجهه على المستوى الروحاني، وبالتالي فإن أجساد المؤمنين لن تبعث في اليوم الأخير، وما البعث إلا بعث الأرواح لا بعث الأجساد، وما الجسد إلا ثوبا نرتديه لفترة مؤقتة، ثم نتخلص منه إلى الأبد، وهذا ما دعا الغنوصيين إلى احتقار الجسد، واعتبار وظائفه غير مهمة بالنسبة للكائن الروحاني، قال يسوع في إنجيل توما الغنوصي، الفقرة 29: «إنني أعجب لتلك الثروة العظيمة (= الروح) تقيم في هذا الفقر المدقع (= الجسد).»
32
من هنا يأتي عدم ثقة الغنوصيين بالجسد، واعتباره مصدرا للألم والمعاناة، وعدم ثقتهم بالعالم المليء بالشرور التي لا تقتصر على الشر الأخلاقي الذي يركز عليه القويمون، وإنما تشمل الشرور الطبيعانية التي تصيب الإنسان مثل المرض والشيخوخة، وأنواع الأذى الأخرى التي تلحق الجسد والنفس، ولكن بينما أكد فريق من الغنوصيين على ترك الزواج، والعلاقات الجنسية أو الإنجاب، وعدم الانهماك في مسائل الحياة العملية كوسيلة للانسحاب من عالم وجدوا أنفسهم غرباء فيه، فإن فريقا آخر وهم الفالنتينيون، قد مارس حياته الطبيعية فتزوج وأنجب وشارك في الحياة العامة، ولكنه اعتبر ذلك كله أمرا ثانويا بالنسبة إلى حياة التأمل والمعرفة. (2) إله الغنوصيين ليس إله العهد القديم
Unknown page