Wahy Muhammadi
الوحي المحمدي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
Publisher Location
بيروت
Genres
ويكثر فى القرآن ذكر الفقه وهو الفهم الدقيق للحقائق الذى يكون به العالم حكيما عاملا مثقفا، فراجع منها فى سورة الأنعام ٢٥، ٦٥، ٦٨، وفى سورة الأعراف: ١٧٨، وفى
سورة الأنفال: ٦٥، وفى سورة التوبة: ٨٢، ٨٨، ٣٢١. وحسبك ما فى هذه السور الأربع تعريفا بالفقه وأنه هو الحكمة لا علم ظواهر الأحكام من الطهارة والبيع والإجازة إلخ، فإن تسمية هذا بالفقه اصطلاحية لا قرآنية، ومنه ما هو ضد فقه القرآن كالحيل التى تعلم الناس التقصى من حكمة القرآن.
٤ - الإسلام دين الحجة والبرهان:
قال الله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا [النساء: ١٧٤]، وقال: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ [المؤمنون: ١١٧]، قيد الوعيد على الشرك بكونه لا برهان لصاحبه يحتج به، مع العلم بأنه لا يكون إلا كذلك تعظيما لشأن البرهان، وذلك أنه تعالى يبعث الأمم مع رسلهم وورثتهم الذين يشهدون عليهم، ويطالبهم بحضرتهم بالبرهان على ما خالفوهم فيه كما قال: وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ [القصص: ٧٥].
وأقام البرهان العقلى على بطلان الشرك بقوله بعد ذكر السموات والأرض من سورة [الأنبياء، الآية: ٢٢]: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا، ثم قفى عليه بمطالبة المشركين بالبرهان على ما اتخذوه من الآلهة من دونه مطالبة تعجيز فقال فى [الآية: ٢٤]: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ، ومثله فى سورة [النمل، الآية: ٦٤]: أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.
وقال فى سياق محاجة إبراهيم لقومه وإقامة البراهين العلمية لهم على بطلان شركهم:
وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنعام: ٨١]، ثم قال فى آخره: وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [الأنعام: ٨٣]، فالدرجات هنا درجات الحجة والبرهان العقلىّ فى العلم، ولذلك قدم فيه ذكر الحكمة على العلم، وتقدم فى الكلام على العلم آية رفع الدرجات فيه.
1 / 181