الفصل السابع عشر
أخت بغداد والأستاذ محمود عزمي
صديقي
نشرت مجلة الدنيا كلمة طريفة عن إصابة الأستاذ محمود عزمي بأخت بغداد، وأخت بغداد الظريفة اللطيفة هي قرحة تترك بالجسم وسما ظريفا لطيفا يتميز به أهل العراق.
وقد شاء صديقنا الأستاذ طاهر الطناحي أن يداعبني في كلمته الطريفة، فقال: «وبقى دور صديقنا الدكتور زكي مبارك، ولا بد أن يكون له نصيب إن شاء الله من «أخت بغداد» وأغلب ظني أن لدغته لن تكون إلا من أنثى، لأنه شاعر وله شهرة في الغزل بالجنس اللطيف تحبب هذا الجنس فيه ولو كان من البعوض».
ولكن إصابة الأستاذ محمود عزمي بأخت بغداد لها تاريخ يستحق التسجيل، وإليكم البيان:
كان طلبة كلية الحقوق في بغداد أقاموا حفلة تكريم للكشافة السورية، وفي تلك الحفلة ألقيت خطبة، فلما وقف الأستاذ عزمي ليلقى كلمة الختام نوه بخصائص الحفلة فقال: «وتمتاز هذه الحفلة بأنها أول حفلة للشباب اندس فيها خطيب كهل هو الدكتور زكي مبارك».
فحقدت عليه، وانتظرت الفرصة للانتقام، وأنا فيما يظهر رجل حقود!
وبعد أسابيع أقام لي أفاضل الأدباء في بغداد حفلة تكريم، وشاء كرم الأستاذ عزمي أن يشرفني بخطبة يلقيها في ذلك الاحتفال، ورأيت الفرصة قد سنحت للانتقام منه بلباقة سحرية، فقلت ما معناه: «أرجو أن يعذرني أهل العراق إذا عجزت عن الوصول إلى قلوبهم على نحو ما صنع الأساتذة المصريون، فهم أوفر مني علما وأدبا، وفيهم رجل سبقني إلى الدنيا بأكثر من خمسين عاما، وهو الأستاذ محمود عزمي».
وفي اليوم التالي نشرت خطبتي بجريدة البلاد، وصدق أهل العراق أن الدكتور عزمي يكبرني بخمسين عاما، ولم يروا في هذا ما يوجب الاستغراب؛ لأن الدكتور عزمي أشهر مني، وأقدم مني، وأنا أستاذ وهو عميد.
Unknown page