لقد كرمتموني بهذا الاحتفال الرائع، فهل تعرفون متى أرد لكم هذا الدين النبيل؟ سأرده يوم يتقرر بفضل مسعاكم إنشاء الجامعة العراقية، ويومئذ لا أكتفي في تكريمكم بألوان الحلوى وأكواب الشاي، وإنما أعقر لكم الذبائح من عرائس الشعر الجميل.
الفصل الثامن
النبي الصبور1
كان أستاذنا سيد علي بن المرصفي رحمه الله مشهورا برقة الدين، والشهرة برقة الدين بلية يرزأ بها النوابغ في الشرق، وقد صحبت ذلك الأستاذ سبع سنين، وكنت في تلك السنين شابا مستقيم الأخلاق، كنت أخاف أن يعديني برقة الدين، فكنت أحترس وأحترس..
ولكن الذي وقع كان أعجب وأغرب، فقد صحبت هذا الشيخ وأنا مسلم ولم أفارقه إلا وأنا مؤمن، فكيف أخذت الإيمان عن ذلك الزنديق؟
كان الشيخ لا يذكر النبي إلا بعبارة: «سيدنا رسول الله».
وكنت أظنه يتهكم أو يتظرف، لكثرة ما سمعت من اتهامه برقة الدين.
ولكن هذه العبارة لم تكن مقصورة على الدرس: فقد كان يقولها كلما ذكر اسم الرسول، وكنت أسمعها منه في البيت وفي الطريق وفي كل مكان ألقاه فيه.
وفي إحدى المرات التي كان يسخر فيها من شيوخ الأزهر - وكان يسخر منهم في كل وقت - في إحدى تلك المرات هجمت عليه، فقلت: ولكن أنت يا أستاذ سرقت من شيوخ الأزهر عبارة: «سيدنا رسول الله».
فقال: أنا لا أقول «سيدنا رسول الله» تقليدا للمشايخ، وإنما أقول ذلك عن ذوق وإحساس، فالنبي محمد هو في قلبي وعقلي «سيدنا رسول الله».
Unknown page