إن متوسط ما تخرج مطابع القاهرة باللغة العربية اثنا عشر كتابا في كل يوم بغض النظر عن مطابع بورسعيد والمنصورة وطنطا والإسكندرية وبلقاس وشبين وأسيوط، وبغض النظر عن المطابع الخصوصية مطابع العلماء والأدباء.
إن مصر هي البلد الوحيد بين البلاد العربية، البلد الوحيد الذي يعيش فيه حملة الأقلام عيش المياسير، وقد جربت ذلك بنفسي فكنت أغنم عشرات من الدنانير في الأسبوع الواحد من قلمي، ولي بيت في مصر الجديدة أنفقت عليه ألفي دينار كسبتها من سن القلم في عامين اثنين، ولو تيسر هذا في العراق والحجاز وسورية لأصبح العرب سادة العلم والبيان.
أيها السادة
أنا عربي أولا ومصري ثانيا، ولو شئت لقلت إن أبي من أصل عربي صريح، وأهل سنتريس يعرفون ذلك، ولكني أرفض التودد المتكلف وأقول إني مصري، وما تسوءني هذه النسبة، فالمصريون عرب في أقوالهم وأفعالهم وشمائلهم ودينهم ومذاهبهم، وأدعو الله عز شأنه أن يجعل مصر أبد الدهر من أملاك اللغة العربية لغة القرآن.
أيها السادة
هل تؤذيكم هذه الصراحة؟
اعذروني فأنا أتكلم في بغداد، التي أعزت العقل والمنطق يوم كان الناس يعيشون في دياجير الجهل والغفلة والحمق والغباء.
وأنا في الواقع تلميذ بغداد قبل أن أكون تلميذ القاهرة أو باريس، فإن رابتكم صراحتي فلا تلوموني فاللوم على أسلافكم الذين شرعوا مذاهب العقل والمنطق.
أيها السادة
إن مصر عربية في كل شيء، عربية في لغتها ودينها وأخلاقها.
Unknown page