وكتاب الأهرام لهم مسالك في التعبير تخالف مسالك زملائهم في جريدة البلاغ.
والموضوعات التي تدرسها مجلة الرسالة غير الموضوعات التي تدرسها مجلة الصباح.
والسامرون في الأحياء الأزهرية لهم مذاهب في القول والتعبير تباين المذاهب المألوفة عند السامرين في شارع مظلوم وشارع فؤاد، وأدباء القاهرة غير أدباء الإسكندرية وغير أدباء أسيوط.
ولكن ما نراه تباينا لا يجيز القول بأن في مصر مذاهب أدبية تشبه الكلاسيك والرومانتيك عند الفرنسيين، ذلك بأن الأدباء المصريين تتطور أذواقهم كل يوم بفضل إقبالهم على مختلف الثقافات الشرقية والغربية، فالخلاف بين الأساليب هو كالخلاف بين الوجوه لا يجعل الرجلين من أمتين مختلفتين وإن كان يشهد لكل فرد بالقوة الذاتية.
وهذا التصادم بين المشارب والميول يحير المبتدئين في بلادنا فلا يعرفون كيف يتوجهون، ولكنه يساعد على قوة الشخصية، إذ يستطيع الشاب الناضج أن يتفرد في النهاية بأسلوب خاص.
وقد يكون من الخير أيضا أن نقرر أن في مصر كثيرا من الجرائد والمجلات التي تصدر باللغات الأجنبية، وهذا يؤثر في تلوين الثقافة أشد تأثير، لأنه يغري الأدباء المصريين بمتابعة الكتاب الأجانب في بعض المذاهب، ولعل لهذا دخلا في شيوع الصور الرمزية بالمجلات المصرية، والأفكار تعدي بالصحة وتعدي بالمرض في أكثر الأحيان.
أيها السادة
لا يسعني في هذا المقام أن أغفل ظاهرة أدبية عرفتها مصر في الأعوام الأخيرة ، فقد كانت أنشئت مجلة شعرية اسمها «أبوللو» ولم تعمر غير عامين، ولو طال عمرها لأمدت الشعر بكثير من الحيوية، ولكن الدكتور أبو شادي عجز عن الإنفاق عليها بعد أن أنفق في سبيلها ما أنفق، فغربت بعد أن أظهرت طاثفة من الشعراء الشبان منهم حسن الصيرفي وصالح جودت وعلي محمود طه، وبعد أن عرفت الجمهور بعبقرية الدكتور إبراهيم ناجي أصدق شاعر يبكي حظوظ القلوب ويذكر الناس بنبرات ابن الأحنف وابن زيدون.
أتريدون كلمة الحق؟
لم يبق في مصر أدب ولا مذهب أدبية.
Unknown page