1
وكان سليم وكليم في أثناء ذلك يعنيان بأمر أمين، وقد فحص حالته طبيب كان بين زائري الأرز، فأخبر أن أجله قريب، وأشار بعودته إلى أهله في الحدث، فصنعوا له محملا وحملوه عليه، وأعادوه إلى أهله في الحدث، وشيعه سليم وكليم بالأسف والحزن الشديد لعدم مقدرتهما على مرافقته لنيتهما العودة إلى أشغالهما في طرابلس، لكنهما استأجرا رجلين لمرافقته مع المكاري.
وقبل سفر أمين التفت فأبصر خصمه لوقا بجانب متى وكلدن، والثلاثة يتحادثون ويضحكون، فبكى وقال: أين العدالة في العالم؟! فإنني أرى الباطل يعلو والحق يعلى عليه. فتنهد سليم وأجابه: العدالة يا صاح موجودة، ولكن المهم الجد والانتظار والثبات، ألم تنظر كيف انتصرت إميليا ولوقا بهذه الصفات؟ فلا تجدف على النواميس الأبدية؛ فإنه ليس بالإمكان أبدع مما كان، وكل ظلامة مهما كانت عظيمة تكشف عن صاحبها إذا تسلح بهذه الفضائل، فإن الله أعدل من أن يخذل الحق، وهو لنصرته لا يطلب من البشر غير الصبر والجد والانتظار.
فقال أمين متأوها: وما الحيلة بمن لا يستطيع الانتظار لأن أيامه معدودة؟ فأجابه سليم: هذا وهم يا صاح، وعلى افتراض صحته، فإن المظلوم يكون أقرب إلى الله في الآخرة مما لو أنصفه الله هنا.
فهز أمين رأسه وقال: كلام حلو للتعزية. كلام حلو للتعزية.
وقد توفي أمين في الحدث بعد انقضاء أسبوع على وصوله إليها.
هوامش
الفصل السابع عشر
حب المجانين
لوقا يأكل الحصرم ومخلوف يضرس
Unknown page