49

كانت تقف سيارة كلود تحت أشجار القيقب أمام منزل السيدة جليسون. وقبل الدخول إلى السيارة، نبه إنيد إلى وجود كتلة من الركام الرعدي جهة الغرب. «يبدو لي أنها عاصفة. ربما من الأفضل أن نمكث في الفندق الليلة.» «أوه، كلا! لا أريد ذلك. أنا غير مستعدة لهذا.»

ذكرها أنه لن يستحيل شراء ما قد تحتاج إليه لقضاء تلك الليلة.

قالت بلا تردد: «لا أحب المكوث في مكان غريب من دون أشيائي الخاصة.» «أخشى أننا ذاهبان إلى قلب العاصفة. قد نواجه عاصفة شديدة جدا، ولكن القول قولك في النهاية.» ظل مترددا ويده على الباب.

قالت بعزم هادئ: «أعتقد أن الأفضل أن نحاول.» لم يعلم كلود حتى الآن أن إنيد دائما ما تعارض الظروف غير المتوقعة، ولا ترضى أن تتغير خططها بسبب أشخاص أو ظروف.

قاد السيارة بأقصى سرعة ممكنة لمدة ساعة وهو يراقب السحب بتوجس. كان النجد بين الأفقين يلمع في ضوء الشمس، وبدت السماء نفسها صافية جدا، ولا يعكرها إلا كتلة أبخرة أرجوانية تلوح جهة الغرب، ذات حافات مشرقة مثل رصاص مقطوع حديثا. وبعدما قطع قرابة خمسين ميلا، زادت برودة الهواء فجأة، وفي غضون عشر دقائق تكدر صفو السماء تماما. قفز من السيارة وبدأ في رفع العجلات بالمرفاع. وكلما كانت إحدى العجلات ترتفع عن الأرض، كانت إنيد تضبط السلسلة عليها. أخبرها أنه لم يركب السلاسل بهذه السرعة من قبل. غطى الأغلفة في المقعد الخلفي بمشمع، وتقدم بالسيارة لمواجهة العاصفة.

هطل عليهما المطر بغزارة كالأمواج التي بدت كأنها كانت تخرج من الأرض وتنزل من السحب في آن واحد. قطعا خمسة أميال أخرى وهما يتخبطان في البرك وينزلقان فوق طرق غارقة في المياه. وفجأة قفزت السيارة الثقيلة، والسلاسل وكل شيء، فوق مطب ارتفاعه قدمان، واندفعت فوق الأرض مسافة اثنتي عشرة ياردة قبل أن توقفها الفرامل، ثم استدارت بمقدار نصف دائرة ووقفت ساكنة. جلست إنيد هادئة وساكنة.

التقط كلود نفسا طويلا. «لو حدث هذا فوق بربخ، لوقعنا في المياه والسيارة فوقنا. ببساطة لا أستطيع التحكم في السيارة. الأرض كلها رخوة، ولا يوجد ما يثبتها. نحن على مقربة من منزل تومي رايس. الأفضل أن نذهب إليه ونطلب منه أن يستضيفنا الليلة.»

اعترضت إنيد: «ولكن سيكون هذا أسوأ من الفندق. إنهم ليسوا شديدي النظافة، ويوجد بالمنزل أطفال كثر.»

تمتم: «الزحام خير من الموت. من الآن فصاعدا، لن تكون المسألة أكثر من مسألة حظ. ربما نضطر إلى التوقف في أي مكان.» «لا يفصلنا عن منزلك سوى نحو عشرة أميال. يمكنني المكوث مع والدتك الليلة.» «هذه مخاطرة كبيرة يا إنيد. وأنا لا أحب تحمل المسئولية. وسيلومني والدك على قيامي بهذا.» «أعلم أنك متوتر بسببي.» تحدثت إنيد بقدر كبير من المنطق. «هل تمانع في أن أقود السيارة لبعض المسافة؟ لم يبق أمامنا سوى ثلاثة تلال وعرة، وأعتقد أنه يمكنني تجاوزها؛ فكثيرا ما فعلت ذلك.»

نزل كلود وتركها تجلس مكانه، ولكن بعدما أمسكت عجلة القيادة وضع يده على ذراعها. توسل إليها قائلا: «لا تفعلي أي شيء مجنون.»

Unknown page