============================================================
الوحيد في سلوك أهل التوحيد محله وطاح ، وتخربت هذه الدار واندرست العوالم والآثار وبطلت المعايش والمكاسب، وذهب إلى البراري كك ذاهب ولكانوا كالوحش في القفار ولغابوا عن معرفة الليل والنهار، فليا حجبهم بالعقول والعلوم، وأبقى عليهم الأطلال والرسوم، وثبت فيهم الشرائع والأحكام، وفرق ما بين الحلال والحرام، وأرسل الرسل مبشرين ومنذرين، فبلغوا الرسالة وأثوا الأمانة وقاموا بما أمرهم وحذروا مما حذرهم، وأوضحوا السبل وأقاموا الدليل ونصحوا الأمة ورفعوا الغمة، وأظهروا الحكم وبينوا النعمة من النقمة، فاستجابت هم أرباب العقول وحكموا عليهم بالمعقول والمنقول، ويينوا الضلال من الهدى والبصر من العمى، وظهر الخليل والكليم، والتعديل والتقوثم، وقامت الصفات المحمدية بالكمال وختمت بعد كمال الدين بالإرسال، وبقي من بقي ممن لاح له بارقة من صفات الجمال ولمحة من آثار صفات الرحمة أو الجلال، لا يعقله عاقل ولا يحجبه حاجب، غير ما لمح من ذلك الجمال قد سلبوا العبارة ورفعوا الإشارة فلم تحكم عليهم الشرائع بحال، ولا رتبت على أقوالهم وأفعالهم فعال، تلاحظهم العيون ويرميهم أهل العقول بالجنون، قد ذهلوا عن الأوامر وغابوا عن الصغائر والكبائر، فمنهم من تراه في جنونه عاقلأ وهو في عقله محنون، ومنهم من تراه فاتثا وهو في فتنته مفتون: وقد قلت: مجانين في البيداء صرعى من اهوى وليس هم إلا الوصال طبيث برهم عنهم فلا يخبروهم ويذكز فيهم عشقهم فيغيوا ويذكز أياما بالحمى قد مضت لهم فتحيي هم أشوافهم فيطيبوا قم القوم لا يدرون أين توجهوا وليس لهم إلا الحبيب حبيث وأعرف فقيرا بأسوان يسمى الحلواني كان عليه ثوبت أزرق صاف، وكان يصيح هذا ويقول: لألبسن عليكم أزرقا صافي وأقول في حبكم وا قلة إنصافي
Page 89