187

Wahid Fi Suluk

Genres

============================================================

197 الوحيد في سلوك أهل التوحيد بالغة.

أي يعقوب، إن قال لك قائل إن الله تعالى خلق مخلوقا أضعف حلدا من هذه وأذل منها. سوى كميدة. فلا تصدق، يعني نفسه وفي قوله صار صفة من صفات الحق لعله أراد بخلق العبد كما أورد أبو طالب وتخلقوا بأخلاق الله تعالى (الم أي الاتصاف، أي بخلق العبد واتصف لأن الحق تعالى هو الكريم الحق حقيقة، والعبد مندوب إلى الكرم، وكذلك الحلم والعفة والصفح والعطاء وترك المؤاخذة.

أما كونه يسمع بالله تعالى ويبصر بالله تعالى لعله أراد بذلك استيلاء صفات الحق على صفات العبد حتى يمحى آثارها؛ فإن الحادث لا بقاء له مع القديم، فإذا استوى الحق على عبده ذهب ما من العبد وبقي ما من الله تعالى، فيبقى كالفخارة في ابتداء اليسارة لا حراك له من حيث نفسه، وإنما حراكه بما يحركه ولا اختيار ولا إرادة ولا علم ولا عمل: (فلما تجلى ريه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا} [الأعراف: 143] .

فالعبد في هذه الحالة سطحا لموارد الإرادات ولقاء لمواقع الأقدار، فما رأى بنفسه ولا أبصر بنفسه ولا علم بنفسه ولا عمل بنفسه، وإنما هو بربه تبارك وتعالى.

وإن كان كل عبد في نفس الأمر كذلك كمثل هذا العبد؛ لأن هذا في محل التخصيص، ليس له من حيث نفسه إرادة وعملأ وعلما وسمعا وبصرا، وإن كان يعلم أن ذلك من الله تعالى، لكنه علم كعلمه بوجود بغداد وما عداها من البلاد، وأخبار الناس وغيرها التي لا تقوم في نفسه مقام الوجدان ولا الذوق، كالعلم بمرارة الصبر من غير نوق فليس الذائق للصبر، كالمتكلم به، من حيث علمه بالسماع ولا الذائق لحلاوة (1) ذكره المناوى في التعاريف (564/1)، وسيدي علي وفا في مفتاح السور (ص149)، وفي المسامع قائلأ وحود إمام هداك هو ربك وإهك وسيدك ومولاك فالقائل وتخلقوا بأخلاق ربكم، يريد تخلقوا بأخلاق وجحودي، ولما كان من أخلاقه أن تغلب رحمته غضبه، وأن يفرح بتوية من تاب إليه، ويشكر على القيام بما علمه وبينه، ومكن منه، وعلى التودد إليه ببعض ما من به، ونحو هذا وصف الله بذلك لعباده؛ ليتخلقوا فيتحققوا بوداده.

Page 187