============================================================
176 الوحيد في سلوك أهل التوحيد من البيت وقال له: قف عندك، ودخل إلى البيت فأخلاه من الماء، خشية عليه أن يجد الماء فيشربه على ذلك العطش، من قبل آن يلين مصارينه وأحشاءه، فيهلك، ثم قال له: ادخل، فدنا ودخل البيت فأخذ ذلك الشيخ قليلأ من الماء ومذقه باللبن، وجعل يطري لسانه بخرقة بذلك الماء واللبن إلى آن تطرى لسانه، فجعل يطري حلقه فنزل إلى الأمعاء شيء يسير بعد شيء يسير حتى لانت أمعاؤه، فسقاه من الماء واللبن والسكر، وسلق له فروجا فعاش ورجعت له روحه، ثم قال الأعرابي لزوحته: توصي به واخدميه، وسافر وتركه عند زوحته في تلك البادية، فلم يحضر إلا الليلة التي يصعد فيها الناس إلى جبل عرفات، فلما حضر الشيخ حضر معه خمسة وعشرون ولذا له فرسائا، وعمل لهم الغداء فطلب الشيخ ذلك الشيخ فحضر، فقال له: كل فتفكر ذلك المسكين أن هذه الليلة هي ليلة عرفة، وأنه فاته الحج، وأن ماله وأولاده فارقهم ولا يعلم ما اتفق هم، فبكى، فقال له: ما يبكيك؟ لعل قد فرطوا في حقك في غيبتي قال : لا، قال: فآنت قليل العقل، إن آكلت وإلا ضربت عنقك فقال: يا سيدي، جرى لي كذا وكذا، وقص عليه القصة من أولها إلى آخرها، وكونه فارق الركب، وتقدم ونام ولم يكن معه دليل، حتى استيقظ من حرارة الشمس، وأن الليلة عرفة، وفاته الحج وفراق أهله وماله.
فقال له: ألم أقل لك إنك قليل العقل وإنك مستحق القتل لأنك تقدمت على الركب من غير دليل ولا معرفة طريق، ثم لم يكفك ذلك حتى رقدت ونمت، فمثلك يستحق القتل، قال فبكى واشتد بكاؤه، فقال له الشيخ: كل وأبشرك بشارة، أوصلك الليلة إلى أهلك، وتقف على جبل عرفة، قال: فأكل، فلما فرغ صاح الشيخ: يا فلانة، فخرحت شابة كأها الشمس الضاحية عليها من أنواع الجواهر والحلي، وعليها معارق الديباج، والحرير الأصفر والأحمر، قد شدت وسطها ببعض ذؤابات شعرها، فقال لها: خذي هذا الرجل وأوصليه إلى أهله في ثلاث ساعات من النهار، والتفت إلى الرجل وأعطاه خاتما أو فصا، وقال: لا تعطه لها حتى توصلك إلى أهلك.
فقالت للرجل: ضع قدمك موضع أرفع قدمى ولا تلتفت يمينا ولا شمالا، واحفظ
Page 165