150

al-Wafi bi-al-wafayat

الوافي بالوفيات

Investigator

أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى

Publisher

دار إحياء التراث

Publisher Location

بيروت

(عجبت لمهري إِذْ رأى الْعَرَب نكبا ... كَأَن لم يكن بَين الأعاريب قد رَبًّا) (أجل لَيْسَ نكرًا للفريق وَإِنَّمَا ... تخوف عتبًا مِنْهُم فتجنبًا) قلت التصريع فِي الْبَيْتَيْنِ لَيْسَ بمليح وَكَانَ يتعاطى الفروسية ويحضر الْغَزَوَات ويتصيد بالجوارح وَالْكلاب وَقد مدحه الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة شهَاب الدّين مَحْمُود ﵀ بقصيدة عدتهَا أَزِيد من ثَمَانِينَ بَيْتا وَهِي روايتي عَنهُ بِالْإِجَازَةِ أَولهَا الْكَامِل (أَعلَى فِي ذكر الديار ملام ... أم هَل تذكرها عَليّ حرَام) (أم هَل أَذمّ إِذْ ذكرت منازلًا ... فارقتها وَلها عَليّ ذمام) مِنْهَا فِي مدح الصاحب تَاج الدّين الْكَامِل (وشجاعة مَا عَامر فِيهَا لَهُ ... قدم وَلَا عَمْرو لَهُ إقدام) (ثَبت الْجنان إِذا الفوارس أحجمت ... خوف الردى لم يثنه إحجام) (وبكفه فِي جحفل أَو محفل ... تزهى الرماح السمر والأقلام) وَحكى لي الْمشَار إِلَيْهِ سيادة كَثِيرَة شَاهدهَا مِنْهُ من ذَلِك أَنه قَالَ دخلت يَوْمًا إِلَيْهِ فلقيني إِنْسَان نسيت أَنا اسْمه وَمَعَهُ قصيدة قد امتدحه بهَا فَقَالَ لي يَا مَوْلَانَا لي مُدَّة وَلم يتَّفق لي إِلَى الصاحب وُصُول فأخذتها وَدخلت إِلَيْهِ وَقلت بِالْبَابِ شَاعِر قد مدح مَوْلَانَا الصاحب فَقَالَ يدْخل فَأعْطَاهُ القصيدة فأنشدها وَلم يمْتَنع من سماعهَا كَمَا يَفْعَله بعض النَّاس فَلَمَّا فرغت أَخذهَا مِنْهُ ووضعها إِلَى جَانِبه وَلم يتَكَلَّم وَلَا) أَشَارَ فَحَضَرَ خَادِم وَمَعَهُ مبلغ مِائَتي دِرْهَم وتفصيلة فَدَفعهَا إِلَيْهِ قلت وَهَذَا غَايَة فِي الرِّئَاسَة من سماعهَا وَعدم قَوْله أَعْطوهُ كَذَا أَو إِشَارَة إِلَى من يحضر فيسر إِلَيْهِ وَقيل عَنهُ أَن جَمِيع أَحْوَاله كَذَا لَا يُشِير بِشَيْء وَلَا يتَكَلَّم بِهِ فِي بَيته وكل مَا تَدْعُو الْحَاجة إِلَيْهِ يَقع على وفْق المُرَاد وَحكى لي أَنه أضَاف جده يَوْمًا ووسع فِيهِ فَلَمَّا عَاد إِلَى بَيته أَخذ النَّاس يعْجبُونَ من همته وكرم نَفسه فَقَالَ الصاحب بهاء الدّين لَيْسَ مَا ذكرتموه بعجيب لإن نَفسه كَرِيمَة ومكنته متسعة وَالْعجب العجيب كَونه طول هَذَا النَّهَار وَمَا أحضرهُ من المشروب والمأكول من الطَّعَام والفاكهة والحلوى وَغير ذَلِك على اخْتِلَاف أَنْوَاعه مَا قَامَ من مَكَانَهُ وَلَا دَعَا خَادِمًا فَأسر إِلَيْهِ وَلَا أَشَارَ بِيَدِهِ وَلَا بطرفه وَلم يَجِيء إِلَيْهِ أحد من خدمه وَلَا أَشَارَ وَقيل أَن النَّاس تعجبوا على كثرتهم وشربهم المَاء مبردًا فِي كيزان عَامَّة ذَلِك النَّهَار فَسئلَ عَن ذَلِك فِيمَا بعد فَقَالَ اشترينا خمس مائَة كوز وبعثنا إِلَى الْجِيرَان قَلِيلا قَلِيلا بردوا ذَلِك فِي الباذهنجات الَّتِي لَهُم وَلَا شكّ فِي أَنه كَانَ عَليّ الهمة ممجدًا مسودًا وَلَكِن لم يكن لَهُ دربة وَالِده فِي تَنْفِيذ الوزارة فَإِنَّهُ وَليهَا مرَّتَيْنِ وَمَا أَنْجَب وَكَانَ لَهُ إِنْسَان مُرَتّب مَعَه حمام كحمام البطائق مدرب إِذا خرج من بَاب القرافة أطلق مَا مَعَه من الْحمام فيروح إِلَى الدَّار الَّتِي لَهُ فَيعلم أَهله بِأَنَّهُ قد خرج من القلعة فيرمون الططماج والملوخية وَغير ذَلِك من أَنْوَاع المطجن وَمَا شابهه حَتَّى إِذا جَاءَ وجد الطَّعَام حَاصِلا والسماط ممدودًا وَقد سمع مِنْهُ الشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ أَيْضا وجالسه وأنشده شعره وَاعْتَكف فِي مأذنة عَرَفَات

1 / 178