(الْجُزْء الأول)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم مُقَدّمَة الصَّفَدِي)
(عونك اللَّهُمَّ وعفوك)
الْحَمد لله الَّذِي قهر الْعباد بِالْمَوْتِ ونادى بالفناء فِي فنائهم فانهل فِي كل بقْعَة صوب ذَلِك الصَّوْت واسمع كل حَيّ نُسْخَة وجوده فَلم يخل أحدهم من فَوت نحمده على نعمه الَّتِي جعلت بصائرنا تجول فِي مرْآة العبر وتقف بمشاهدة الْآثَار على أَحْوَال من غبر وَتعلم بِمن تقدم أَن من تَأَخّر يُشَارِكهُ فِي الْعَدَم كَمَا اشْترك فِي الرّفْع الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر ونشكره على مننه الَّتِي جلت لما جلت الضراء بمواقعها وحلت عَن وُجُوه حسانها بإحسانها معاقد براقعها وحلت غمائم جودها على رياض عقولنا فاضحت كَأَن صغرى وكبرى من فواقعها
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة تقر لَهُ بِالْبَقَاءِ السرمد وتجرد من التَّوْحِيد سيوفًا لم تزل فِي مفارق أهل الشّرك تغمد وتبعث لنا فِي ظلمات اللحود أنوارًا لَا تخبو أشعتها وَلَا تخمد ونشهد أَن مُحَمَّدًا سيدنَا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أنذر بِهِ الْقَوْم اللد وَنَصره بِالرُّعْبِ فَقَامَ لَهُ مقَام المثقفة الملد وَأنزل عَلَيْهِ فِي مُحكم كِتَابه الْعَزِيز وَمَا جعلنَا لبشر من قبلك الْخلد الْأَنْبِيَاء) (صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين خَفَقت بهم عذبات الْإِسْلَام ونشرت أَعْلَام علمهمْ حَتَّى استبانت للهدى أَعْلَام واتضحت بهم غرر الزَّمن حَتَّى انْقَضتْ مددهم فَكَأَنَّهَا وَكَأَنَّهُم أَحْلَام صَلَاة لَا تغيب من سَمَاء روضها مجرة نهر وَلَا تسْقط من أنامل غصونها خَوَاتِم زهر مَا رَاح طَائِر كل حَيّ وَهُوَ على حِيَاض المون حايم وأشبهت الْحَيَاة وَإِن طَال أمدها حلم نَائِم وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا إِلَى يَوْم الدّين وَبعد فَلَمَّا كَانَت هَذِه الْأمة المرحومة وَالْملَّة الَّتِي أمست أَخْبَارهَا بمسك الظلام على كافور الصَّباح مرقومة خير أمة أخرجت للنَّاس وأشرف مِلَّة أبطل فَضلهَا الْمَنْصُوص من غَيرهَا قَوَاعِد الْقيَاس علماؤها كأنبياء بني اسرائيل وامراؤها كملوك فَارس فِي التنويه والتنويل وفضلاؤها آربوا على حكماء الْهِنْد واليونان فِي التَّعْلِيم وَالتَّعْلِيل كم فيهم من فَرد جمع المفاخر وكاثرت مناقبه البحور الزواخر وَغدا فِي الْأَوَائِل وَهُوَ أَمَام فَاتَ سوابق الْأَوَاخِر
1 / 25