في الطرق ينتظرون الإيقاع به، فصاح به رجل: الحمد الله على خلاصك يا سيد العرب، فقال له: اسكت، سيد العرب والله احمد بن أبي دواد.
وكان بينه وبين الوزير ابن الزيات منافسات وشحناء، حتى إن شخصًا كان يصحب القاضي المذكور ويختص بقضاء حوائجه منعه الوزير المذكور من الترداد إليه، فبلغ ذلك القاضي، فجاء إلى الوزير وقال له: والله ما أجيئك متكثرًا بك من قلة، ولا متعزرًا بك من ذلة، ولكن أمير المؤمنين رتبك مرتبة أوجبت لقاءك، فان لقيناك فله، وإن تأخرنا عنك فلك، ثم نهض من عنده.
وكان فيه من المكارم والمحامد ما يستغرق الوصف.
وهجا بعض الشعراء الوزير ابن الزيات بقصيدة عدد أبياتها سبعون بيتًا فبلغ خبرها القاضي أحمد، فقال (١):
أحسن من سبعين بيتًا هجا ... جمعك معناهن في بيت
ما أحوج الملك إلى مطرة ... تغسل عنه وضر الزيت فبلغ ابن الزيات ذلك، ويقال: إن بعض أجداد القاضي أحمد كان يبيع القار، فقال:
يا ذا الذي يطمع في هجونا ... عرضت بي نفسك (٢) للموت
الزيت لا يزري بأحسابنا ... أحسابنا معروفة البيت
قيرتم الملك فلم ننقه ... حتى غسلنا القار بالزيت وأصابه الفالج لست خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين بعد موت عدوه الوزير المذكور بمائة يوم وأيام، وقيل: بخمسين يومًا، وقيل: بسبعة وأربعين يومًا، وسيأتي تاريخ وفاة الوزير في حرف الميم.
ولما حصل له الفالج ولي موضعه ولده أبو الوليد محمد، ولم تكن طريقته