212

Wafayāt al-aʿyān wa-ambāʾ abnāʾ al-zamān

وفيات الأعيان و أنباء أبناء الزمان

Editor

إحسان عباس

Publisher

دار صادر

Publisher Location

بيروت

وجاءها من بغداد، وكان حنفي المذهب، توقع الاجتماع بالمزني مدة، فلم يتفق له، فاجتمعا يومًا في صلاة جنازة فاقل القاضي بكار لأحد أصحابه: سل المزني شيئًا حتى أسمع كلامه، فقال له ذلك الشخص: يا أبا إبراهيم،، قد جاء في الأحاديث تحريم النبيذ وجاء تحليله أيضًا، فلم قد متم التحريم على التحليل فقال المزني: لم يذهب أحد من العلماء إلى ان النبيذ كان حراما في الجاهلية ثم حلل، ووقع الاتفاق على انه كان حلالًا، فهذا يعضد صحة الأحاديث بالتحريم، فاستحسن ذلك منه، وهذا من الدلة القاطعة. وكان في غاية الورع، وبلغ من احتياطه أنه كان يشرب في جميع فصول السنة من كوز نحاس، فقيل له في ذلك، فقال: بلغني أنهم يستعملون السرجين في الكيزان، والنار لا تطهرها.
وقيل إنه كان إذا فاتته الصلاة في جماعة صلى منفردًا خمسًا وعشرين صلاة استراكا لفضيلة الجماعة، مستندًا في ذلك إلى قوله ﷺ صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين درجة.
وكان من الزهد على طريقة صعبة شديدة، وكان مجاب الدعوة، ولم يكن أحد من أصحاب الشافعي يحدث نفسه في شيء من الأشياء بالتقديم عليه، وهوالذي تولى غسل الإمام الشافعي، وقيل: كان معه أيضًا حينئذ الربيع.
وذكره ابن يونس في اريخه وسماه، وجعل مكان اسم جده إسحاق مسلمًا، ثم قال: صاحب الشافعي، وذكر وفاته كما تقدم (١)، وقال: كانت له عبادة وفضل، ثقة في الحديث، لايختلف فيه حاذق من أهل الفقه، وكان أحد الزهاد في الدنيا وكان من خير خلق الله ﷿، ومناقبه كثيرة.
وتوفي لست بقين من شهر رمضان سنة أربع وستين ومائتين بمصر، ودفن بالقرب من تربة الإمام الشافعي، ﵁، بالقرافة الصغرى بسفح المقطم، رحمه الله تعالى، وزرت قبره هناك.
وذكر ابن زولاق في تاريخه الصغير أنه عاش تسعًا وثمانين سنة، وصلى عليه الربيع بن سليمان المؤذن المرادي.

(١) كذا، وذكر وفاته لم يتقدم.

1 / 218