56

Wadih Fi Usul Fiqh

الواضح في أصول الفقه

Investigator

الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

ووجود أحدهما مع ضدِّ الآخر، حتى يكون العَقل موجودًا مع ضِدِّ العلم وهو الجهلُ بالضروريات والمشاهدات، إذ العلم بالضروريات والدقائق موجود مع ضِدِّ العقل من الخيال والاختلال، وذلك معلوم فساده في العقل، فثبت أنه لا يجوز أن يكون جنسًا مخالفًا لسائر العلوم. فإذا ثبت هذا وأنه علم، فلا يجوز أن يكونَ كل العلوم ضَروريِّها وكسبيِّها؛ لأننا قد علمنا عُقلاءَ عِدةً خالين من العلوم الكَسبية النَظرية، ولا يجوز أن يكون كل العلوم؛ لأنه لو كان كذلك لكانَ كلُّ مَن فقد العلمَ بالمُدرَكات بعدمِ إدراكه لها غيرَ عاقل. ولا يجوز أن يكونَ هو علمَ العالم بوجود نفسه وما عنده من لذةٍ وألم، وصِحة وسقم؛ لأنه لو كان كذلك لكان الأطفالُ والبهائمُ والمجانينُ عُقلاءَ لعلمهم بذلك من نفوسهم. فلم يَبق إلا ما ذكرنا، وأنه بعض العلوم الضرورية، وهو علم بوجوب واجباتٍ، واستحالةِ مُستحيلاتٍ، وجَواز جائزاتٍ (١)، فهذه العلوم التي يَختص بها العقلاء. وبيان هذه الجمل، مثل العلم بأن الضَدين لا يَجتمعان، وأن الائنين أكثرُ من واحد؛ وأن المعلوم لا يَخرج عن أن يكون مَوجودًا أو غيرَ موجودٍ، وأن الموجودَ لا يَنفك عن أن يكون عن أولٍ أو لا عَن أولٍ، ومن ذلك حُصول العلم عن الأَخبار المتواترة، فمن حَصَلت له هذه العلوم عُدَ عاقلًا.

(١) "المنخول": ٤٤.

1 / 24