جاء الوفد الاستمبولي يحمل الوثائق التي يتسجل فيها قضاء الله والقدر على الدولة العثمانية، بل يحمل الفصل الأخير من تاريخ آل عثمان. أو قل: إنه جاء بالقنابل التي تنسف أساس العرش العثماني وتدك والعياذ بالله صرح الخلافة.
رقص فؤاد مصطفى كمال في صدره حين تقدم إليه رجلان أنيقا البزة شامخا الأنفين، معجبان بالهدية التي يقدمانها لرأس الحكومة التركية الجديدة، أو بالأحرى فخورين برأس الحية الذي كان يخشى أن يلدغ قلب الجمهورية.
تناول مصطفى منها طامورا كبيرا من الأوراق والوثائق المختلفة. وقلبها في أول الأمر تقليبا عاما. ثم جعل يقرؤها ورقة وقة، ويفرز الأهم من المهم ويرتبها ترتيبا متناسبا. فكان في مقدمتها ورقة دعوة مطبوعة «بالطيب ريطر»؛ أي مكتوبة بالآلة الكاتبة باللغة الفرنسية، هذا نصها:
سمو الأمير (من غير تعيين شخص)
إن الموقف الحرج بل المقلقل الذي بلغت إليه أسرات الشرف في كل أوروبا والشرق يستلزم أن يعقد مندوبون من هذه الأسرات مؤتمرا عاما، يبحثون فيه بأمورهم ويرسمون خطة لضمانة حياتهم الاجتماعية. ولذلك أتشرف بأن أرجو من سموكم التشريف إلى منزلي للبحث التمهيدي في هذا الموضوع.
أرجو أن تثقوا أن هذه المقابلة سرية الآن وأن تدعوني أثق هذه الثقة أيضا.
الدوقة
مريم رومانوف
ثم الرسالة التالية بالفرنسية أيضا:
حضرة صاحبة السمو الدوقة مريم رومانوف
Unknown page