يغتدي نعمة تحب لتفسد
أكثر الحسن ما يصان ليشقى
إنما الحسن ما يصان ليعبد!
ويطول بنا الحديث إذا تكلمت عن شعره الوصفي واستنطاقه للحياة والجماد، بل لعالم رؤياه كله، فنكتفي بالإشارة إلى قصيدته «الرقيبان الصامتان»
10
وإلى قصيدة المتأملة،
11
وكلتاهما من شعر التصوير الذي أخصب به الأدب العصري، كما ابتدع له فنونا من الشعر المرسل، ومن الشعر الحر، وتصرف تصرفا حكيما في أساليبه البيانية الجديدة وفي مناهجه اللغوية لفظا وأسلوبا، ولا تحسبنا في حاجة إلى الإشارة إلى شعره التاريخي، وإلى نظمه القصصي الموفق، فنماذجه كثيرة مشهورة، وقد جاءت برهانا كافيا على طواعية اللغة العربية ومواتاتها لمن يعرف أسرارها، ويتضلع منها، وتكون له شاعرية مطبوعة، وثقافة تزجيه إلى التعبير والابتكار، وشاعرنا - بطبيعة تكوينه العصبي وفرط حسيته وعواطفه - شاعر أصيل يرث الشاعرية أو الاستعداد الفني عن والده الخطيب المفوه، والكاتب الشاعر الكبير محمد أبي شادي بك من ناحية، وعن والدته الأديبة الشاعرة الرقيقة السيدة أمينة نجيب، وعن خاله المؤرخ القدير، والشاعر الناثر المتفنن مصطفى نجيب بك من ناحية أخرى. وهو برغم هذا التراث الأدبي تراه غير راض عن نفسه، ولا يعني بالشعر الذاتي البحت إلا في مواقف الدفاع أمام تهجم الجامدين أو حسد المنافسين، إذا ما استحالت نزواتهم إلى تحامل مرذول، ولعل من الخير للأدب هذا الشعور المتأصل فيه؛ لأنه يدفعه إلى الإنتاج المتواصل طلبا للكمال الفني، على العكس من القانعين الكسالى الفخورين بآثارهم الضئيلة؛ لأنهم لا يخدمون الأدب ولا يصلحون من ملكتهم بتكرارهم إنشاد شعرهم القديم في زهو وغرور، ومن أحسن ما نختاره من شعره الذاتي “Subjective poetry”
قصيدته في الدفاع عن نفسه أمام خصومه المتحاملين وحاسديه، وعنوانها «جوابي».
12
Unknown page