Virtues of the Companions - Muhammad Hasan Abd al-Ghaffar
فضائل الصحابة - محمد حسن عبد الغفار
Genres
تأمير الرسول ﷺ والخلفاء لأبي عبيدة
وأمّر النبي ﷺ أبا عبيدة غير مرة، منها المرة التي جاع فيها عسكره وكانوا ثلاثمائة، وألقى لهم البحر الحوت الذي يقال له: العنبر، فقال أبو عبيدة: ميتة، يعني: كيف نأكل الميتة؟ ينكر على من يأكل هذا الحوت.
لكن يحل لهم أكل هذه الميتة من وجهين: الوجه الأول: أن هذه ميتة بحر، والنبي ﷺ قال: (أحلت لنا ميتتان: ومنها: السممك)، وقال النبي ﷺ: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته).
الوجه الثاني: أنهم كانوا في حالة ضرورة.
وهذه القصة كانت من الكرامات التي منحها الله لـ أبي عبيدة بن الجراح.
(فألقى لهم البحر الحوت الذي يقال له: العنبر، فقال أبو عبيدة: ميتة.
ثم قال: لا، نحن رسل رسول الله ﷺ وفي سبيل الله؛ فكلوا) وذكر الحديث وأصله في الصحيحين.
ولما فرغ الصديق من حرب أهل الردة وحرب مسيلمة الكذاب جهز أمراء الأجناد لفتح الشام، فبعث أبا عبيدة ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة، فتمت وقعة أجنادين بقرب الرملة، ونصر الله المؤمنين، فجاءت البشرى والصديق في مرض الموت، ثم كانت وقعة السماوة، ووقعة مرج الصفر، وكان أبو بكر قد بعث خالدًا لغزو العراق، ثم بعث إليه أن يمد جند الشام، فقطع المفاوز حتى وصل السماوة، فأمره الصديق على الأمراء كلهم، وحاصروا دمشق، وتوفي أبو بكر، فبادر عمر بعزل خالد، وهذا الذي أخذ على عمر، فإنه دائمًا كان يطلب من أبي بكر أن يعزل خالد بن الوليد، ولكنه عاتب نفسه بعد ذلك، حتى إنه بكى وقال: رحم الله أبا بكر فقد كان أعرف بالرجال مني، فأمر عمر بعزل خالد واستعمل على الكل أبا عبيدة، فوصل الكتاب إلى أبي عبيدة فكتمه مدة، وهذا من دينه وحلمه؛ وذلك حتى لا تنهار معنوية الجند، وحتى لا تكون المسألة خلافًا بينهم على الإمارة، فقد نحى الكتاب جانبًا، وجعل الإمارة كما هي حتى انتهت المعركة، فأبلغ خالدًا بما فعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فكتم أبو عبيدة هذا الكتاب، وكل هذا من دينه ولينه وحلمه، فكان فتح دمشق على يده، فعند ذلك عقد صلحًا مع الروم، ففتحوا له باب الجابية صلحًا، وإذا بـ خالد قد افتتح البلد عنوة من الباب الشرقي، فأمضى لهم أبو عبيدة الصلح، فعن المغيرة أن أبا عبيدة صالحهم على أنصاف كنائسهم ومنازلهم.
ثم كان أبو عبيدة رأس الإسلام يوم وقعة اليرموك التي استأصل الله فيها جيوش الروم، وقتل منهم خلق عظيم، وتوفي أبو عبيدة ﵁ وأرضاه في الطاعون.
نسأل الله جل في علاه أن يجمعنا به في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر، أقول قولي هذا وأستغفر الله.
8 / 6