412

هذا فلا يشمل العلم الإجمالي ، فلا تهافت في الدليل.

قلت : نعم ، لكن الإطلاق لا يمكن إنكاره في قوله : رفع ما لا يعلمون الذي مفاده أنه لم يرفع ما يعلمون ، وكذلك قوله : الناس في سعة ما لا يعلمون ، بكلا احتماليه.

ومما ذكر في هذه الرواية يعرف الكلام في قوله : «الناس في سعة ما لا يعلمون» أو في سعة ما لا يعلمون ، بجعل «ما» ظرفية لا موصوله ؛ فإنه أيضا كما يدل على السعة حال الجهل ، يدل أيضا على الضيق حال العلم ، وهنا يكون الجهل والعلم موجودين ، فالجهل من حيث الخصوص والعلم من حيث الإجمال ، فمقتضى الأول السعة وجواز ارتكاب كلا الطرفين ، ومقتضى الثانى الضيق وعدم جوازه.

هذا كله على قول من يجعل للحكم مراتب.

ويمكن ان يقال على قول من لا يجعل له بعد الوجود سوى مرحلة الفعلية أيضا : إنه وإن كان لا يستحيل ترخيص أطراف الشبهة من حيث لزوم التناقض ، ولكنه يستحيل من جهة لزوم الترخيص في المخالفة القطعية للتكليف الفعلي ، فإن المخالفة القطعية لهذا التكليف ظلم على المولى ، والظلم لا يرتفع قبحه بالترخيص ، بل يكون ترخيصه أيضا قبيحا.

وجه لزوم ذلك أن المفروض كون الخطاب الواقعي حكما فعليا ، فإذا تعلق به العلم يقبح عقلا من المكلف مخالفته ، والمفروض أنه هنا عالم أيضا بهذا الخطاب ، غاية الأمر بالعلم الإجمالى ، وعرفت أنه لا فرق في قبح المخالفة بين العلم التفصيلي والإجمالى ، وعرفت هنا أن قبح المخالفة القطعية يكون من باب الظلم وعلى نحو العلية التامة ، فإن المولى يطلب الفعل أو الترك من العبد بكمال الشدة والاهتمام ويظهر عدم رضاه بالمخالفة ، فكما أن مخالفته مع هذه الحالة وعدم المبالاة بكمال بغضه ذلك ظلم قبل الترخيص ، فهو بعينه باق على هذا الحال بعده ؛ لأنه بعده أيضا ظلم ، لفرض قيام عدم الرضى والطلب بكمال الجد بالمولى بعده أيضا ، فيكون الترخيص قبيحا ؛ لكونه ترخيصا للظلم ، فيمتنع صدوره عن الحكيم.

ولا يتوهم أن قبحه إنما هو من جهة لزوم الجري على خلاف المراد ورفع اليد عن

Page 415