255

على الانحصار والتعين ، كما يحمل الوجوب على التعييني بقرينة عدم ذكر العدل.

وفيه أن الغالب في القضية الشرطية كون وجه الكلام إلى أن حكما كذا مرتب على موضوع كذا ، فيؤخذ بمقام البيان في هذه الجهة بلا إشكال ، ففي قوله : إن جاء زيد فأكرمه يصح دفع احتمال أن الواجب إكرام خاص أو الدخيل مجيئي خاص بمقدمات الحكمة ، وأما كيفية الشرطية وأنها يكون على وجه الانحصار والتعين أولا ، فليس المتكلم بهذه القضية بصدد بيانها غالبا.

نعم لو كان في مقام بصدد تعداد شروط وجوب الإكرام وقال في هذا المقام : إن جاءك زيد فأكرمه يؤخذ بمقدمات الحكمة لإثبات التعين والوحدة ، وليس هذا مختصا بالقضية المذكورة ، بل هو جار في كل قضية ، مثلا لو كان في مقام تعداد القائم أو الواجب الإكرام في العالم وقال في هذا المقام : زيد هو القائم أو الواجب الإكرام كان الأخذ بمقدمات الإطلاق مقتضيا لانحصار الوصفين في زيد ، وهذا بخلاف إنشاء الوجوب ؛ فإن المتكلم فيه يكون بصدد جعل الإيجاب وفي مقام إنشائه ، والمفروض أن جعله ممكن على نحوين مع العدل وبدونه ، فالأخذ بالمقدمات المذكورة لإثبات الثاني بلا مانع.

ومن هنا يظهر أنه لو أثبت الشرطية لشيء بأداة الشرط وعطف عليه شيئا آخر بكلمة «أو» فلعل القول بظهور القضية حينئذ في انحصار السبب في هذين الشيئين كان أقرب من القول بظهورها في الانحصار في السبب الواحد في صورة عدم العطف ، ووجهه أن المتكلم في الصورة الاولى قد تعرض لبيان كمية الشرط.

وقال في الكفاية ما حاصله أنه لو فرضنا كون المتكلم بصدد بيان كيفية الشرطية أيضا لا يفيد التمسك بهذا الإطلاق لإثبات الانحصار ، وذلك لأن الوحدة والتعدد خارجان عن كيفيات الشرطية ؛ ضرورة أن الشرط واحدا كان أم متعددا فكيفية شرطيته واحدة لا تتفاوت ، كما أن وجود زيد لا يتفاوت نحوه وكيفيته بوجود عمرو في العالم وعدمه ، وهذا بخلاف الوجوب فإن نحوه يتفاوت بوجود العدل وعدمه.

ولكن لا إشكال في أن وجود سبب آخر يصير منشئا لانتزاع وصف لهذا

Page 258