249

في انتفاء سنخ الحكم المذكور في القضية الشرطية أو الوصفية عند انتفاء الموضوع ، كأن يكون انتفاء المجيء في قولنا : إذا جاء زيد فأكرمه أو العلم في قولنا : أكرم زيد العالم موجبا لانتفاء وجوب الإكرام رأسا ، ولو كان مسببا من جهة اخرى فلو احتملنا حينئذ وجوبه مستندا إلى جهة اخرى ككونه محسنا أو مسنا أو نحوهما كان هذا الاحتمال مدفوعا بمقتضى ظاهر القضية.

فنقول : هنا أشياء يمكن القطع بظهور القضية الشرطية في بعضها ولا يمكن في بعض آخر ، فمجرد المقارنة الاتفاقية بين شيئين لا يرتبط أحدهما بالآخر بجهة من الجهات أصلا يمكن دعوى الجزم بعدم كونها معنى القضية المذكورة ولو استعملت فيها أحيانا كما لو قيل : إن أكلت في اليوم طعاما فأنت تموت في آخر عمرك إما في الليل أو النهار فمحمول على الهزل والمزاح.

وبالجملة ، فمجرد المقارنة الاتفاقية بين مثل الثلج والباب غير محقق لمعنى «إن» وأمثالها ، بل يمكن الترقي من هذا والقول بعدم كفاية مجرد التلازم أيضا ، فالمعلولان لعلة ثالثة وإن كان بينهما ربط لكونهما متلازمين في الوجود ويصح استعمال القضية فيهما ، إلا أن التلازم بهذا النحو خلاف الظاهر الأولي للقضية ، بل الظاهر الأولي منها هو التلازم بنحو ترتب الثاني على الأول وكونه في طوله لا في عرضه ، وكذا الكلام فيما إذا كان في البين ترتب لكن على العكس ، بأن كان الأول معلولا للثاني ومترتبا عليه.

فتحصل أن المستفاد من القضية الشرطية شيئان ، أحدهما اللزوم في قبال مجرد المقارنة الاتفاقية ، والثاني ترتب الجزاء على الشرط في قبال عدم الترتب رأسا وترتب الأول على الثاني ، كما يشهد به صحة إتيان «الفاء» في صدر الجزاء.

وهنا دعويان اخريان :

إحداهما : دعوى العلية التامة المستقلة لتالي «إن» وأمثالها بالنسبة إلى الجزاء ، وهذه الدعوى إنما هي مثمرة لباب الأسباب بتقريب نقلناه هناك عن الشيخ الجليل المرتضى قدسسره وقد مر دفعهما هناك أيضا بأنا لا نفهم من كلمة «إن» ونحوها إلا مجرد أنه متى وجد الشرط وجد الجزاء عقيبه ، نعم لا بد أن لا يكونا غير مرتبطين

Page 252