168

التقييد ، وحيث يستحيل الثاني يستحيل الأول ، فالإرادة تقتضي إيجاد ذات متعلقها لا أنها تقتضي إيجاده في ظرف عدمه ولا إيجاده في ظرف وجوده ولا إيجاده في كلا الحالين ؛ لأن هذا النحو من الاقتضاء يرجع إلى طلب الشيء مع نقيضه أو مع حصوله ، فظهر أن الأمر يقتضي وجود ذات الفعل من دون ملاحظة تقييد الفعل بالنسبة إلى الحالتين المذكورتين ، ولا إطلاقه بالنسبة إليهما.

نعم الأمر المتعلق بذات الفعل موجود سواء كان المكلف ممن يترك أو يفعل ولكن هذا الأمر الموجود يقتضي عدم تحقق الترك وتحقق الوجود لا أنه يقتضي الوجود على تقدير الترك، وبعبارة اخرى : الأمر يقتضي عدم تحقق هذا المقدر لا أنه يقتضي وجود الفعل في فرض وقوعه ؛ لأن الثاني يرجع إلى اقتضاء اجتماع النقيضين دون الأول ، فافهم فإنه لا يخلو عن دقة.

المقدمة الرابعة : أنه لم يرد في خبر ولا في آية بطلان تعلق الأمرين بالضدين في زمان واحد حتى نتمسك بإطلاق ذلك الخبر أو تلك الآية في بطلانه حتى في المقام ، إنما المانع حكم العقل بقبح التكليف بما لا يطاق وهو منحصر فيما إذا كان الطلبان بحيث يقتضي كل واحد منهما سلب قدرة المكلف عن الإتيان بمقتضى الآخر لو أراد الإتيان بما يقتضيه ، أما لو كانا بحيث لا يوجب ذلك فلا مانع أصلا.

إذا عرفت المقدمات المذكورة فنقول : لو أمر الآمر بإيجاد فعل مقارنا لترك ضده الآخر فهذا الأمر باعث في نفس المأمور لو علم بتحقق ذلك الترك في الآن المتصل بالآن الذي هو فيه ؛ إذ لو صبر إلى أن يتحقق ذلك الترك لم يقع المأمور به بالعنوان الذي امر به وهو المقارنة، فمحل تأثير هذا الأمر في نفس المأمور إنما يكون مقارنا لوقوع الترك ، فيجب أن يؤثر في ذلك المحل بمقتضى المقدمة الاولى ، وهذا الأمر المبتني على ترك الضد لا يوجب التأثير في المتعلق مطلقا حتى يستلزم لا بدية المكلف من ترك الضد بحكم المقدمة الثانية ، والأمر المتعلق بالضد الآخر الذي فرضناه مطلقا لا يقتضي إيجاد المتعلق في ظرف عدمه بحكم المقدمة الثالثة حتى يلزم منه وجود التكليف بالضدين في ظرف تحقق هذا الغرض ، بل الأمر بالأهم يقتضي عدم

Page 171