مقدمة ؛ إذ مع بقاء هذا الشك لا يمكن انكشاف الإمكان ، فلو علم من عموم الحكم عدم كون ترك الضد مقدمة فلا مجرى له ؛ لأن موضوعه الشك ، وبالجملة فلا أرى وجها لجريان أصالة الإباحة في المقام ، هذه خلاصة الكلام في حكم الشك فلنعد إلى أصل البحث.
فنقول : الحق كما ذهب إليه الأساطين من مشايخنا هو عدم التوقف والمقدمية لا من جانب الترك ولا من جانب الفعل ، أما عدم كون ترك الضد مقدمة لفعل ضده فلأن مقتضى مقدميته لزوم ترتب عدم ذي المقدمة على عدمه ؛ لأنه معنى المقدمية والتوقف ، فعلى هذا يتوقف عدم وجود الضد على عدم ذلك الترك المفروض كونه مقدمة وهو فعل الضد الآخر ، والمفروض أن فعل الضد أيضا يتوقف على ترك ضده الآخر ، ففعل الفعل يتوقف على ترك ضده كما هو المفروض ، وترك الضد يتوقف على فعل ضده ، لأنه مقتضى مقدمية تركه.
هذا مضافا إلى عدم إمكان تأثير العدم في الوجود وهو من الواضحات وإلا لأمكن انتهاء سلسلة الموجودات إلى العدم.
وأما عدم كون فعل الضد علة ومؤثرا في ترك ضده فلأنه لو كان كذلك لزم مع عدمه وعدم موجود يصلح لأن يكون علة لشيء إما ارتفاع النقيضين ، أو تحقق المعلول بلا علة ، أو استناد الوجود إلى العدم ، بيان ذلك أنه لو فرضنا عدم الفعل الذي فرضناه علة لعدم الضد وعدم كل شيء من الممكنات ، يصلح لأن يكون علة لشيء فلا يخلو الواقع من امور؛ لأنك إما أن تقول بوجود ذلك الفعل الذي كان عدمه معلولا أم لا.
فعلى الأول يلزم استناد الوجود إلى العدم ؛ إذ المفروض عدم وجود شيء في العالم يصلح لأن يكون علة ، وعلى الثاني إما أن نقول بتحقق العدم المفروض معلولا أم لا ، فعلى الثاني يلزم ارتفاع النقيضين ، وعلى الأول يلزم تحقق المعلول بلا علة ، مضافا إلى أن مقتضى كون الفعل علة لترك ضده كون تركه مقدمة لفعل ضده الآخر ؛ لأن عدم المانع شرط فيلزم الدور.
Page 165