واحتجوا بقول الله: { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة } (¬1) ورواية عن النبي عليه السلام إذ يقول: « ترون ربكم لا تضامون في رؤيته كما لا تضامون في أن القمر قمر في ليلة البدر » (¬2) . وقالوا: في قول الله: { إلى ربها ناظرة } إزالة الريب، أنه إنما عنى النظر إليه لا غيره، وقالوا لنا: فما أنكرتم أن يرى لا كالمرئيات، كما يعلم لا كالمعلومات. وأن أحكام الآخرة ليست كأحكام الدنيا ؟ قلنا لهم، وبالله التوفيق: إن معنى قول الله: { وجوه يومئذ ناضرة } أي ناعمة من نضرة الوجه بالنضرة والنعمة بما بشروا به من الرضى عنهم، والقبول عنهم (¬3) ، والتجاوز عن سيئاتهم كما قال الله: { وجوه يومئذ مسفرة، ضاحكة مستبشرة } (¬4) وقال: { تعرف في وجوههم نضرة النعيم } (¬5) - جعلنا الله منهم - { إلى ربها ناظرة } : أي منتظرة لزوائد نعمه كما قيل عن بعض الصحابة أنه قال لمن سأله عن الله هل ينظر الناس إليه في الآخرة ؟ قال: ينظرون إليه في الآخرة كما ينظرون إليه في الدنيا. وقد أجمع أهل اللغة، أن النظر (¬6)
¬__________
(¬1) سورة القيامة: 23 وقارن تفسير هذه الآية بتفسير الشيخ محمد بن يوسف اطفيش في كتابه تيسير التفسير ج14/312-313-314 حيث يتفق مع الشيخ تبغورين صاحب هذه الرسالة.
(¬2) البخاري: مواقيت، 16-26. آذان، 129. تفسير سورة (50)2. رقاق53.
(¬3) م: منهم.
(¬4) 10) سورة عبس: 38.
(¬5) 11) سورة المطففين: 24.
(¬6) 12) النظر عند القاضي عبد الجبار في الآيات السابقة هو بمعنى الانتظار، فكأنه تعالى قال: وجوه يومئذ ناضرة لثواب ربها منتظرة، وقال جل وعز فيما حكى عن بلقيس (فناظرة بم يرجع المرسلون) أي منتظرة، انظر بزيادة تفصيل أكثر كتاب شرح الأصول الخمسة (السابق)، ص245 وما بعدها. وانظر لسان العرب، مادة (نظر). الربيع بن حبيب، الجامع الصحيح (السابق)، تحت عنوان باب في النظر في اللغة، ص230-231..
Page 151