إلى أصدقائي
سفر تكوين
هفا الليل
ليل
الانتظار
أحلام المساء
اغتراب
الربيع
العاصفة
الليل
الديمة
موت حلم
حلم عذراء
أعراس الفقراء
بلادي
يا بلادي
الصدى
مساء
قارورة الطيب
ظلمتك
هدوء!
لامرتين
من أنت؟
تشويق
سويداء
النجوم
صلاة
إلى أصدقائي
سفر تكوين
هفا الليل
ليل
الانتظار
أحلام المساء
اغتراب
الربيع
العاصفة
الليل
الديمة
موت حلم
حلم عذراء
أعراس الفقراء
بلادي
يا بلادي
الصدى
مساء
قارورة الطيب
ظلمتك
هدوء!
لامرتين
من أنت؟
تشويق
سويداء
النجوم
صلاة
أرجوحة القمر
أرجوحة القمر
تأليف
صلاح لبكي
إلى أصدقائي
غنيت أشعاري ولم أنتسب
إلى إله الشعر في حال
ولم أكن غير امرئ مدنف
كثير تحنان وتسآل
وسوف يمحو الدهر شعري كما
يمحو دموع المغرم السالي
ورب شعر نام عنه القضا
مر بجيل بعد أجيال
يحمل مني زفرة مرة
مرثاة أحلامي وآمالي
ردده عني فتى لم تدع
منه الرزايا غير أسمال
مستأنسا بي جاهلا من أنا
إني أخو الباكين أمثالي
سفر تكوين
هفا الليل قومي نهز المنى
بأرجوحة من ضياء القمر
ونفلت أحلامنا الراقصات
على خفقات النجوم الغرر
فتسرح فوق فراش الغمام
وتمرح تحت غصون الشجر
وتحملها زفرات النسيم
فيعلق بالصبح منا أثر
خلقتك من خفقات القلوب
ورف العيون وهش السحر
ومن بهجة الروض غب الربيع ال
بليل ومن وشوشات السمر
فأنت من الحلم أنقى وأبهى
وأنعم من لفتات الذكر
وإنك فوق بلوغ المنى
ومرمى الخيال، وظن البشر
سألتك إما صبوت إلى
سواي فتى فاكتميني الخبر
هفا الليل
هفا الليل قومي نذر على
حواشيه مخمور أحلامنا
ونفلتها مائسات الذيول
فتنثر في كل نجم سنى
وتنهل فوق جفون النيام
على سرر البؤس طيف هنا
تعالي ففي الليل شوق إلى
تقطر أنفاسنا موهنا
حملنا إليه فتون الشباب
ودفء الشباب ودفء المنى
فنحن على شفتيه ابتسام
وفي أذنيه مرد غنى
ونحن تناجي بنات الصباح
فلا يحلم الليل إلا بنا
سرينا مع الطيب في الحالمات
الروابي وفي لفتة المنحنى
ليل
هفا الليل يحمل في راحتيه
إلى البائسين وعود الهناء
فيا لدجاه تفتق ثغرا
فثغرا على فجوات السماء
تغن الغصون بأحلامه
وتحلم فيه بموت الشتاء
وتغفو معالم هذا الوجود
على دغدغات أكف الهواء
فيا لسنى الليل تنهار منه
ومن سحره قلل الكبرياء
فلا شمم الفجر يذكر فيه
نشيء ولا عربدات الضياء
الانتظار
فما لك يا عين لم تهجعي
لقد تعب الليل مما يعي
فصعد في السهل أنفاسه
وأحنى على الجبل الأصلع
وأغمض عينيه مستأنسا
بلحن من القاتم المفزع
ينوح بعيدا ويشكو جوى
ويبكي على هادئ الأربع
لك الله يا عين جفن الصباح
يرف فما لك لم تهجعي
وفي النفس شوق إلى طيفها
برى من فؤادي ومن أضلعي
أحلام المساء
أي حلم يمر في مقلتيك
عندما يبسط المساء جناحه
ساكبا نفسه على راحتيك
ملقيا فوق منكبيك وشاحه!
أي حلم يمر والبدر ساهي
شأن فكري يحوم فوق الروابي
هل رأت مقلتاك روح الله
في دجى الليل ماثلا في الهضاب؟
أم هي الشهب أيقظت طي نفسك
ألما ساكنا وحبا حزينا
فتمرمرت من شقاوة أمسك
ولمحنا في مقلتيك شئونا
احذري أن تفكري في المساء
واتركي البدر سابحا في فضائه
وأغمضي الطرف عن نجوم السماء
وتداري قلبا ينم بدائه
اغتراب
أسف الروض علينا فبكانا
وشجى الوادي المغني وشجانا
كيف لا يجزع للبين، ألم
نك أطيابا بواديه حسانا
كل ورد حامل منا شذى
مسكر الفوح وحبا وافتتانا
هذه الأدغال في السفح وفي
جنبات السفح غصت بهوانا
فروى الوزال عنا في الضحى
والعشيات سلاما وأمانا
ووشى الطيب إلى الناس بنا
فاستعنا الليل فيه فأعانا
يا عيون الروض إن شط بنا
عنك داع فهجرناك زمانا
إنما نحمل رياك إلى
آخر الدهر ولو فيك عصانا
الربيع
الربيع الطلق في نواره
تخفق النسمة في أوكاره
ويفر النور من أزراره
ويغني الحب غزار الربى
والغيوم البيض في الجو النضير
هجعت سكرى على كف الأثير
هي روح الأرض أنفاس العبير
صعدت كسلى على جنح الصبا
في حنايا الغاب في صدر الوهاد
بين أعطاف الربى في كل واد
تسمع الأذن ارتعاشات فؤاد
كلما جنح إلى غصن صبا
يا لها من ساعة غب الغروب
ساعة الذكرى وللذكرى هبوب
حينما تعلو أناشيد الطيوب
فيبيت الجو منها طيبا
ويهف الليل وسنان الجفون
يرقب الحلم بآلاف العيون
ويشم الطيب من كف السكون
مرسلا أنفاسه مضطربا
وتطل الشهب من أبراجها
خافقات آه من وهاجها
خففي يا زهر من إحراجها
أو تري في الأرض منها موكبا
ما لعيني لا ترى غير الجمال
في اتضاع السهل في شم الجبال!
عالق منك بعيني خيال
يضحك الدنيا ويأتي العجبا
العاصفة
اسمعي الإعصار يدوي في الجبال
اسمعي للغاب أنات طوال
اسمعي، كم طائر تحت الظلام
تائه بلله القطر السجام
يتوخى مأمنا حتى الصباح
من ترى ينجيه من كف الرياح؟
افتحي الكوة في وجه السماء
وانظريها لبست ثوب الشقاء
وتوارت رهبة خلف الغيوم
بعد أن أطفأت الريح النجوم
أغلقي الكوة في وجه الرياح
للصباح
خبئي رأسك في صدري ونامي
يا غرامي
الليل
رحم الليل أعين السهاد
ومحت كفه الشعاع المنادي
أخرست كل صيحة في فم الشم
س ومالت بكبرياء المهاد
وبمثل الحنان سربلت الكو
ن ببرد من هينمات السواد
أي رب يا ليل أنت رئيف
بتجني الورى ورجس العباد
ما كسوت الوجود لطفك إلا
خجل الشوك بالرءوس الحداد
واستفاقت على يديك الأماني
حالمات الألوان والأوراد
تملك الغمر والتراب كما يم
لك قلب العذراء حلم غاد
ثم تغشى الجو الفسيح وتنسا
ب حياة ريانة في الجماد
ويفيض الجمال منك فلا يب
قى قبيح في الكون إلف حداد
بسمة أنت في السفوح وعفو
دائم الفيض دائم الميلاد
كل حسن من فضل كفك حسن
روعة الصمت والجلال البادي
انظر الأرض حين تلفح أنفا
سك وجه السهول والأنجاد
ترها والخشوع هدهد عطفي
ها تهادت بالإثمد المتهادي
فشفاه الورود فوح بخور
مرسل في مجاهل الأبعاد
تنحني دونك البرايا وتنهد
سكارى بنشوة العباد
فالتسابيح من صدور الروابي
صاعدات ومن ذرى الأطواد
والضراعات تائهات على رج
ليك مسفوحة على كل واد
شربتك الدنيا كما تتملى
هاطلات الغيوث عطشى الوهاد
عبد الناس دونك الشمس في الأع
صر قدما فيا لجهل العباد
مرغوا الهام دون «مردوك» في با
بل خوف السنا المشع البادي
واستذلوا حيال «آتن» مصر
قبل فجر الأهرام قبل العوادي
وثرى الصين خافق بدم الكه
ان غب الصلاة في الأعياد
آن تستقبل الخدود المدى وال
أرجل النار والجموع نواد
ويذر الأرز والملح في النا
ر فتزداد فوق كل ازدياد
وتوالي الفحيح فهي أفاع
تتلوى جريحة في الرماد
وعذارى حرمن في طرق الشم
س نواجي الهوى ودفء الوداد
خالعات منى الشباب عليها
واهنات في عزلة الزهاد
ظامئات للحب في مسرح النو
ر فهل نلن غير غصات صاد
حملوهن فوق متسع الأن
فس طهرا وتلكم الأجساد
سائلوا بعلبك هل شهدت
شمسك إلا مواكب استشهاد
سائلوها كم مرة نثر السي
ف على حده سنى الأجياد
عبد الناس وحدة الضوء قدما
وفدوه بطارف وتلاد
رهبوا الوهج في المشارق وارتد
وا حيارى في سره الوقاد
لو دروا بعض ما تكن لخروا
في العشيات فوق صدر الجهاد
كنت قبل الزمان في خاطر الغي
ب وتبقى على مدى الآباد
حين لا تشرق الشموس ولا يل
مع في الأفق كوكب فوق حاد
وتموت الأزهار إلا أريجا
في حواشيك عالقا في البجاد
وتروح الدنى يجلببها الثل
ج بأكفانه وتمضي بداد
فإذا أنت واحد أروع الوح
شة تسمو إلى ذرى الآحاد
أنا أهواك في الشتاء غضوبا
بين لمع البروق والإرعاد
غضب المؤمنين تحت مثار الن
قع في حومة الوغى والجهاد
ترزح البيد تحت عصفك خوفا
وتميد الجبال غير جلاد
أنا أهواك في الربيع رقيق ال
بث حلو المنى كوجه بلادي
تحلم الشهب في ذراك على الأد
واح مأخوذة بترجيع شاد
وتكاد الحياة تسعى مع الري
ح على كل مورق مياد
أنا أهواك في الخريف وفي الصي
ف وأهواك في غناء الحادي
ليت لي ضمة أشدك فيها
بذراعي معانق متماد
فيميل الوجود حولي وينها
ر وتبقى مخلدا لفؤادي
الديمة
هلي فداك الدفء هلي
يا ديمة الأمل المطل
غدك الربيع بما به
من ميعة ونعيم ظل
غدك الفراش ترف بال
أطياب من حقل لحقل
غدك الهوى الممراح في ال
أوراق في الغصن المدل
هلي فإنك من سخا
ء الغيب في العمر المقل
بك من لهاث الشهب أع
راف وتذكارات وصل
وبجانبي إليك شو
ق الأرض فانهمري وغلي
موت حلم
أهواك دون رجاء
أهواك حتى انتهائي
ويسلم الحب بعدي
من عاديات الفناء
كأن حبي شعاع
يجوب كل فضاء
يسعى وراء الدراري
وخلف هذي السماء
حبي مدى الدهر منه
وفسحة الأجواء
يا قطعة من خيال ال
إله في الأحياء
ما كان وجد فرادي
لرغبة في لقاء
فالحلم يعشق حلما
ويفتدي بالهناء
على محياك شيء
من وحشة الإمساء
وفي الجفون خريف
باك ولمح شتاء
وأنت بعد شروق
في زحمة الأضواء
ومطرح من ربيع
مخضوضر الأفياء
أمأتم خلف هذي ال
عيون خلف الرواء!
كأن حلما كبيرا
يموت قبل المساء
فيا شقيقة نفسي
أهواك دون رجاء
حلم عذراء
يا ربيب الخيال يا منيتي البكر
ويا بسمة على ذكرياتي
كنت دنياي كنت أغنيتي ال
بيضاء رفرافة على رغباتي
عشقتك العيون حلم هناء
ووعاك الفؤاد فوح صلاة
وحنت فوقك الضلوع وألوى
كل فكر عليك من نياتي
فإذا أنت في فؤادي وفي
عيني وفي غفلتي وفي لفتاتي
أتلقاك في الشعاع سماحا
وأريجا في خطرة النسمات
وحبورا على الغصون وهمسا
ناعما في تنفس الكائنات
أعراس الفقراء
إن أعراسنا الخفاف لمن نش
وة دفق الصبا ونسج الأماني
وغنيون بالهوى نحن عما
قام من زفة وعزف قيان
ما زغاريدنا المغنة إلا
وشوشات شاعت على الأفنان
لا نبالي إن النضار بأيدي
نا حرام فليشهد الفرقدان
لين الفرش ما نبث من الوج
د وغالي الحلى وبيض المغاني
كلما باح واجد بهواه
أقبل الفجر مرهف الآذان
يتباهى بنا وينقل عنا
ناشرا طيبنا على الأكوان
إن أعراسنا لملء تقى الوا
دي وزهو الربى وعزم الزمان
سكرت من غرامنا هذه الأر
ض وهشت مخلدات الجنان
فليته غيرنا بما يبهر الما
ل فإنا أهل الليالي الغواني
بلادي
أحبك أغنية في الثغور
وحلم هناء ورهج حبور
وأمنية تتعرى المنى
لديها صغارا كحلم الصغير
وأهواك أسطورة تكتسين ان
تفاض المدى وجلال العصور
على مفرق الدهر منك ائتلاق
وفي مقل الشهب أفياء نور
أكر على الزمن المنقضي
فألقاك في كل أمر خطير
وأي إله سطا في العصور
ولم يك منك وأي أمير
أرى من خلال الزمان البعيد
قوافل تمتد من شط صور
وتسري على هينمات الحداة
وتغدو على زقزقات الطيور
فيرتقص الكون تيها ويزهو
ويرفل بالأرجوان الوثير
وتغفو الكواكب في كل أفق
بعيد نشاوى بهمس العطور
وأبصر أشرعة جاريات
على اليم لماعة في الأثير
كسرب من الحور يعبثن بالز
مرد مسترسلات الشعور
تميل بما حملته وتمضي
خفافا على بركات القدير
وتمتد أفياؤها فإذا الش
طوط هياكل قدس وفير
بلادي فديتك وزعت في ال
برايا فرادك نجوى بخور
شرعت السخاء وكوفيت عنه
من المجتدين بعق وزور
مضى في العصور الطوالع من
سمائك طير ولا كالطيور
تخطى السحاب ومرغ بالش
موس جناحيه دون النسور
وألوى كثير الحنان إلى ال
فضاء ومات طعام السعير
ولكنه نفضت نفسه
رماد الردى قبل يوم النشور
ألا فانفضي الذل عنك وقومي
بلادي على زغردات النفير
يا بلادي
لا أبالي أملت في سرحة المج
د على العز وانتفاض المعالي
تنثرين الإباء والحلم في الشط
آن فوق السهول فوق الجبال
نثرك الطيب غب دغدغة الزه
ر وغب انتباهة الأدغال
لا أبالي أكنت أول شيء
مر في خاطر الإله ببال
وتهاديت عالما في المدى البك
ر ورفرفت قبلة الأجيال
عالما أطلع الحضارات سمحا
ء وسل الهدى بوجه الضلال
عصر جد الإنسان أعدى من الذئ
ب وأضرى في حلبة الإغتيال
يتحاشى النهار في معقل الوح
ش ويمضي للقنص تحت الليالي
فإذا دمعة تغيم بعيني
ك وتهمي براقة الآمال
وإذا في جوانب الناس شوق
والتفات إلى البعيد العالي
وإذا رحمة تطوف بالأرض
وحب مرنح الأذيال
لا أبالي أكنت مهد شرور
ووبال مغمس بوبال
لفت الله عنك مقلته الحس
نى وخلاك مربعا للرعال
فتنادت مواكب البؤس في وج
هك من كل لاحب بالتوالي
وتعريت لا جمال ولا بع
ض جمال ولا ظنون جمال
تنفر النفس من هوانك والعي
ن إذا تلتقيك في الأوحال
لا أبالي فأنت أنت بلادي
كيفما كنت دهشة لخيالي
أتلقاك مطرحا من نعيم
وارف المجد مشرق الأظلال
وأرى العز أن أعيش وأن أقضي
فدى عنك في مجال النضال
الصدى
يضج في أعماق صدري صدى
معذب كثير تحنان
من أي غور جاء يسعى إلى
نفسي ومن أي مدى فان
استقبل الأمس على رجعه
والدهر في أوله الهاني
والتقيه حلما في الدنى
والمرتجى في الشاطئ الثاني
ومطرحا في غفوة المنحنى
تشدني فيه ذراعان
ورفة النور على جفنها
ورجفة في ثغرها الداني
أو رغبة وضيعة في فم
أغرقها في كأس عطشان
اسمر ليلي وهو في مهجتي
ما بين أفراح وأحزان
ويطلع الصبح وفي أضلعي
وفي الحنايا شجو ولهان
يا نبأ مروعا مبهما
أعيت أساريرك وجداني
مساء
مات لون النهار في الأحداق
واستراح الدجى على الآفاق
وتعالت هناك أغنية الراعي
يسوق القطعان حول السواقي
وأضاءت على السفوح قرى لبنان
يا للقرى الملاح العتاق
فالأساطير في خيال الروابي
الشهل أطياف ذكريات رقاق
تتعرى ملء الزمان ترويه
فيهوي الزمان وهي بواقي
إيه يا أخت ننهل الناعم الدافئ
من غمرة الليالي العماق
علنا ننتهي على نغم حلو
كحلمين من رؤى العشاق
أو كرجع الصدى تغلغل في الغور
وموت الطيوب في الأوراق
قارورة الطيب
يا نضرة الأحلام يا طيبها
ويا حنين الوتر المشفق
قبلك لم تصدح على أيكة
ورق، وعود الروض لم يورق
ولم يشق الزهر أكمامه
والجو بالأطياب لم يعبق
تفتقت عيناك عن بسمة
جر ذيول النور في المشرق
جن فؤادي فاعذري خافقا
قالت له عيناك عش واخفق
بالروح لذات الهوى من فم
بالطل مثل الفجر مغرورق
تحن أجفاني إليه فيا
ليت على سفح الهوى نلتقي
فما شميمي طيب قارورة
مغرية إن هي لم تهرق
ظلمتك
ظلمتك ظلم امرئ مستبد
وجرت عليك وعرضت جهدي
وأنت رفيق الخيال، رفيقي
رفيق المنى والجهاد الأشد
ظلمتك إن دمي ليثور
وعيشي يمر ويرفض رغدي
وبي عاصفات تهب على
رفيع إبائي وذروات رشدي
ظلمتك فالأفق خفق سواد
طويل سحيق على جو سهد
ظلمتك! إني ظلمتك يا
أبر صحابي وحافظ عهدي
أحس كأني وعدتك ثم
نكثت العهود وأخلفت وعدي
ظلمتك حتى لتصغر نفسي
إذا ما ذكرت على البعد عندي
هدوء!
رضيت بالآلام يقظى كما
رضيت بالأفراح لم أجزع
يقظى فإن أثقل جفني الكرى
تنساب في صدري وفي أضلعي
فملء أحلامي أشباحها
وهمسها الأخرس في مسمعي
هل بعد أن أبلغ رمسي غدا
تنبثق الآلام في مضجعي؟
مزعجة حلم الخلود الذي
تغري به الإنسان يا مبدعي
فالشاعر اليائس من عيشه
والمغرق الأفراح بالأدمع
يمضي كمن فككت أغلاله
إلى عناق الجدث المفزع
رضيت بالآلام يقظى كما
رضيت بالأفراح لم أجزع
لامرتين
(بمناسبة ذكرى مرور مائة سنة على زيارة لامرتين للبنان ...)
نم قرير الطرف في ظل الفناء
وأرح نفسك من وقر العناء
وانشق الراحة من كف الثرى
فالثرى راحة أبناء الشقاء
وظلام الرمس للعين متى
تعبت أرحم من وهج الضياء
ضجعة الشاعر في أكفانه
ضجعة توجع غير الشعراء
فالخلود السمح في الرمس هفا
ظله يخفر نوم البؤساء
يا وحيد الشعر من أي دجى
جئت هذي الأرض أو أي سماء
عشت في الدنيا غريبا ملهما
نير الفكرة شأن الأنبياء
وتناهيت هوى في أمة
جررت بعدك ذيل الكبرياء
كنت للشعب أبا أي أب
دائم اللهفة في غير دهاء
لك في التاريخ ذكرى موقف
حبس الثوار عن سفك الدماء
إذ تدفقت خطيبا لسنا
قائم الحجة معقود اللواء
علم الثورة لا ينسى يدا
لك ما دام رفيعا بفضاء
هل تلاقيت و«الصير»؟ وهل
هي ما زالت على عهد الولاء؟
أم تراها أعرضت مذ أبصرت
في سما عينيك أظلال البكاء
وهل العاشق في الجنة، يا
مؤنس العشاق، موصول اللقاء
يرتمي في حضن من يهوى كما
ترتمي الأطياب في حضن الهواء
شاعر الوحدة، قل هل يعرف
العالم الآخر قدر النبغاء؟
أم ترى النابغ مجهولا كما
هو في الدنيا على حد سواء؟
هات حدثنا فكم حنت إلى
صوتك العذب نفوس الأشقياء
واملأ الدنيا بما عودتها
من حنين وابتهال ودعاء
وأناشيد كبوح الزهر في
أذن العتمة بين السمراء
أي رزء فت من قلبك إذ
هجم الداء على أخت الظباء «جوليا» والله قد كونها
من أمانيك لنعمى ورخاء
طفلة يحتشم الفجر إذا
أقبلت تخطر في آي البهاء
تتلاشى في يد الموت كما
يتلاشى النور في حضن السماء
فإذا الليل مدى عينك
والعمر شطر من مناحات الشتاء
مأتم عز على الأرز به
أن يواتيك بشيء من عزاء
فتنادى الزهر من أدغاله
ومشى فيه مندى بحياء
واستفاق الفجر من أحلامه
شاحب الألوان معتل الضياء
أخته ماتت فمن أي سنى
يكتسي الوهج، ومن أي سناء
ولو ان الجبل الخالد في
وسعه دفع تصاريف القضاء
خلع الخلد الذي يلبسه
وكساها العمر في أبهى رداء
يا أبا الآمال كم من أمل
لك لم ينعم بأنفاس البقاء؟
إن بين الشاعر الملهم وال
قدر الأعمى مواثيق عداء
كلما هم فتى الشعر إلى
مطلب يعليه بين النجباء
وامتطى ظهر خيال جامح
ومضى يضرب في كل فضاء
وهفا الوحي عليه وارتمى
كارتماء النور في صفحة ماء
ينبري من كل أفق قدر
يتخطاه ويرميه بداء
حفظ الأرز اسمك الخالد، وال
أرز يرعى عهده في الأصدقاء
ينبع الإخلاص من أنحائه
مثلما تجري السواقي بوفاء
أو كما تنعم في كل ضحى
هذه الدنيا بأنوار ذكاء
إيه لامارتين إنا أمة
كاد يرديها وفاء الخلصاء
غير أن البر هذا حده
إن تلقاه صديق بازدراء
جونا الجو، وهذي أرضنا
ليس فيها حفنة للدخلاء
من أنت؟
مررت دون الناس مجهولة
فتانة ضاحكة لاهية
من أنت؟ لا أدري وما ضرني
جهلي، وجهلي اللذة الباقية
أطيب ما في الشعر أغنية
تبقى بلا وزن ولا قافية
فإن تكونيها تمنيت أن
لا نتلاقى مرة ثانية
تشويق
يا غدير الرقراق في بيدائي
قد كفى منك نهلة لشفائي
ظمئ القلب والغدير حثيث
بين خضر الرياض والأفياء
عابث في المروج يضحك للدو
ح الغني فينثني بغناء
أنت وهج الشروق في كل أفق
عبقري الشذا ندي الضياء
أنت شيء من نشوة وعبير
أنت رعشات قطعة من سماء
أي شيء يوشوش الليل في أذ
نيك حتى أحببت كل مساء
وبماذا تغريك هذي الدراري
والسواقي وهدأة الأوداء؟
أنا أحنى عليك من مهجة اللي
ل وأطرى من معطف الظلماء
أنا كونت عالما لك من أح
لام نفسي مشعشع الأرجاء
تتهادى الأنغام فيه حيارى
غاديات بالعطر والأنداء
فانزليه قبل اصطدام حناني
واصطدامي بمنتهى كبريائي
رب يوم تمشين فيه إلى مغ
رب عمر الحياة دون رجاء
يلفح الريح في طريقك والقر
ويرسو عليك هم الشتاء
وتصيرين والضحى كبقايا
علم رث تحت ستر الخفاء
نسجوه لكل مجد فلم يخ
فق بجو ولم يصن بدماء
وتبيتين دون ذكرى غرام
كان دفء الصبا عجوز شقاء
فتعالي إني فرشت لك الحب
وعطرت بالحنان هوائي
نتساقى الهوى وندخر التذ
كار نورا لساعة الإمساء
حينما لا نعود نسكر بالحب
ويمسي التذكار كل العزاء
سويداء
أخذت نفسي من حزن الشتاء
وانزوت بين ضلوعي فبكائي
زفرات النفس في وحدتها
أنا أستغفر عنها كبريائي
يغمر الحزن فؤادي مثلما
يغمر الوحي قلوب الأنبياء
فالكآبات على أنواعها
خطبتني وأقامت في سمائي
فإذا ما ذهب الفجر بها
حملتها لي أنفاس المساء
أنا قد أصبحت حزنا فهي إن
ذهبت أو لا على حد سواء
النجوم
قطعت عمري تاركا في الطريق
أشلاء أحلام الصبا الأول
فما لقلبي! ما له لا يفيق
وما لهذا العيش لا ينجلي
أضعت أحلام الصبا الأول •••
أما رأيت الشهب ملء الفضاء
ما الشهب إلا بعض أحلامي
جمعها الليل وزان السماء
بها فلاحت مثل أكمام
ما الشهب إلا بعض أحلامي •••
واها على أنوارها واها
أنحلها الإبعاد شيئا فشي
ما كان أنقاها وأبهاها
أيام كانت في دجى مقلتي
واها على أنوارها واها •••
وفي غد متى التحفت الثرى
وانحل فيه الجسد البالي
تظل بعدي فوق متن الذرى
سابحة في جوها العالي
تربط أجيالا بأجيال •••
فتؤنس العشاق أنوارها
وكل درويش ضليل غريب
وتملأ الأوداء أشعارها
فيطرب الصفصاف والعندليب
ويسكر الأسحار همس الطيوب •••
أضعت أحلام الصبا الأول
فما لهذا العيش لا ينجلي؟
صلاة
يا رب كيف أعلم ال
أطيار غير أسى وحزن
أنا كل يوم دافن
أملا أعز علي مني
فإذا أتى زمن الربي
ع وقيل غن فما أغني؟
فاستبق لي أملا ولو
أثرا من الأمل الأغن
أنا باليسير من الرجا
ء قنعت منك فلا تضن
سأجود منه وأملأ الد
نيا فيمرع كل غصن
وأحدث الآفاق كي
ف تجود أنت وكيف تغني؟
وتجوب فيك قصائدي الر
كبان من ظعن لظعن
تهمي على التعبين أن
داء وتمسح كل جفن
رحماك رفقا بالربي
ع إذا تخيب أنت ظني
إن الربيع لمن غنا
ي وشأنه في العمر شأني
فإذا يجيء وأنت تم
نعني الهناء فمن يغني؟
Unknown page