60

Iẓhār al-ḥaqq waʾl-ṣawāb fī ḥukm al-ḥijāb

إظهار الحق والصواب في حكم الحجاب

Publisher

مطبعة سفير

Publisher Location

الرياض

Genres

وَقَوْلُهُ ﷺ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ»، لَفْظُ جُنَاحٍ فِيهِ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، فَهِيَ تَعُمُّ رَفْعَ كُلِّ حَرَجٍ مِنْ إِثْمٍ وَدِيَةٍ وَقِصَاصٍ، كَمَا تَرَى» (١).
ولفظ مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ» (٢).
وَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ فِيهِ التَّصْرِيحُ مِنْهُ ﷺ أَنَّهُمْ يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَؤُوا عَيْنَهُ، وَكَوْنُ ذَلِكَ حَلَالًا لَهُمْ مُسْتَلْزِمٌ أَنَّهُمْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ إِثْمٍ، وَلَا دِيَةٍ، وَلَا قِصَاصٍ; لِأَنَّ كُلَّ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ﷺ لَا مُؤَاخَذَةَ عَلَى فِعْلِهِ الْبَتَّةَ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُؤَاخَذَةِ، كَمَا لَا يَخْفَى.
وَفي لفظ الحديث عند مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ﵀ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَوْ أَنَّ رجلًا اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ» (٣).
وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ دَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي عَيْنِ الْمَذْكُورِ، وَثُبُوتُ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ كَمَا رَأَيْتَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى وَانْتَهَكَ الْحُرْمَةَ، وَنَظَرَ إِلَى بَيْتِ غَيْرِهِ دُونَ اسْتِئْذَانٍ، أَنَّ اللَّهَ أَذِنَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ﷺ فِي أَخْذِ عَيْنِهِ الْخَائِنَةِ، وَأَنَّهَا هَدْرٌ لَا عَقْلَ فِيهَا، وَلَا قَوَدَ، وَلَا إِثْمَ، وَيَزِيدُ مَا

(١) أضواء البيان، ٦/ ١٨١.
(٢) مسلم، كتاب الآداب، باب تحريم النظر في بيت غيره، ٣/ ١٦٩٩، برقم ٢١٥٨.
(٣) مسلم، كتاب الآداب، باب تحريم النظر في بيت غيره، ٣/ ١٦٩٩، برقم ٢١٥٨.

1 / 61