174

Umm Qura

أم القرى

Publisher

دار الرائد العربي

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٠٢هـ - ١٩٨٢م

Publisher Location

لبنان/ بيروت

الصَّنْعَة المتوقف عَلَيْهَا نجاحه فِيهَا، وَإِن كَانَت صَنعته بسيطة حقيرة. وَمن (الغرارة) ظننا أَن الكياسة فِي " أَدْرِي وأقدر " جَوَابا للنَّفس فِي مَقَاصِد كَثِيرَة شَتَّى. والحقيقة أَن الكياسة لَا تتَحَقَّق فِي الْإِنْسَان إِلَّا فِي فن وَاحِد فَقَط يتولع فِيهِ فيتقنه حق الإتقان فِي كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه﴾ . فالعاقل من يتخصص بِعَمَل وَاحِد ثمَّ يُجَاوب نَفسه عَن كل شَيْء غَيره " لَا أَدْرِي وَلَا أقدر "، لِأَن الأول يتَكَلَّف أعمالًا لَا يحسنها فتفسد عَلَيْهِ كلهَا، وَالثَّانِي يتحَرَّى لكل عمل لَازم لَهُ من يُحسنهُ فتنتظم أُمُوره ويهنأ عيشة. فالملك مثلا وظيفته النظارة الْعَامَّة وانتخاب وَزِير يَثِق بأخلاقه، ويعتمد على خبرته فِي انتخاب بَقِيَّة الوزراء والسيطرة عَلَيْهِم فِي الكليات. فالملك مهما كَانَ عَاقِلا حكيمًا لَا يقدر على إتقان أَكثر من وظيفته الْمَذْكُورَة. فالملك إِذا تغرر وتنزل للتداخل فِي أُمُور السياسة أَو الإدارة الملكية أَو الْأُمُور الحربية أَو الْقَضَاء، فَلَا شكّ انه يكون كرب بَيت يداخل طباخه فِي مهنته ويشارك بستانية فِي صَنعته، فَيفْسد

1 / 176