ثم غاص في اليم، وعدت ورجالي إلى الفلك، وفي القلب لوعة وبالنفس أسى، وتبلغ كل بلقمات، ثم أسلمنا عيوننا للكرى، وكأنما نام أسطولنا في ظلام الشاطئ.
وانبلجت أورورا، فنضرت بالورد جبين المشرق، وهبت أنفاس الصباح المنداة فأهرعنا جميعا وجزرنا الأضاحي باسم الآلهة، وصلينا لها مخبتين، وأقمت لأخي رمسا فوق ثرى مصر الخالدة، ثم هبت الريح رخاء، فنشرنا الشراع وأصلحنا القلوع، وأقلعنا من فورنا إلى أرض الوطن، فبلغنا هيلاس سالمين.
وبعد، فلتقم معنا ها هنا أياما تمرح وتفرح، ونسعد نحن بك يا ابن أعز الأصدقاء، ثم لنعد لك الهدايا واللهى التي تليق بك، ولتعد إلى وطنك على عربة فاخرة تجرها ثلاثة من الصافنات الجياد، ولنزودك بكأس ذهبية تصب منها قرابين الخمر للآلهة فتذكرنا أبدا.
وشكر تليماك واعتذر، وأبدى من الحنين إلى وطنه وما عليه من واجبات وما ينبغي من عودة ابن ملك بيلوس؛ ما برر عنده أن يستأذن في الأوبة. فأعذره ملك أسبرطة وأهدى إليه كأس فيديموس الفضية ذات الشفة الذهبية، الكأس الخالدة التي صنعها الإله فلكان بيديه لينفخ بها ملك سيدونيا.
ما كادت مينرفا تتم كلامها حتى انتفضت وتحولت من صورة منطور أمير البحر إلى نسر عظيم.
وهيا الندل مقصفا فاخرا به جزور وخمر، وأقبلت أزواجهن يحملن الخبز، فأكل الملك ومن معه ورووا.
هذا ما كان من أمر تليماك ومنلوس.
أما ما كان من أمر العشاق آنئذ فقد كانوا يلعبون ويمرحون في بيت ملك إيثاكا يلاعبون الأسنة ويقذفون القرص، ويتصارعون ويمزحون، كانوا جميعا يأخذون في هذا اللهو لتزجية الوقت إلا أنتينوس ويوريماك، فقد جلسا بمعزل يتحادثان، إذ أقبل الفتى نومون ابن فرنيوس وقد تغضن جبينه، وانتشرت على أساريره سحابة كئيبة، فقال: «أرأيت إذ أعطيت سفينتي للفتى تليماك فإني أريد أن أبحر إلى إيليس لأرعى أفراسا لي اثنتي عشرة لا تزال توضع أفلاؤها،
11
متى يرجع من بليوس يا أنتينتوس؟»
Unknown page