Udaba Carab Fi Acsur Cabbasiyya
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Genres
على الناس في الليل، حتى خرج مرة هو ورجل من أشجع
107
فيما بين العشاء والعتمة، فجلسا على طريق رجل من الصيارفة، وكان يروح كل ليلة بكسبه إلى منزله، فلما طلع مقبلا عليهما وثبا إليه فجرحاه، وأخذا ما في كمه، فإذا هي ثلاث رمانات في خرقة، ولم يكن كيسه ليلتئذ معه، ومات الرجل مكانه، واستتر دعبل وصاحبه، وجد أولياء الرجل في طلبهما، وجد السلطان في ذلك؛ فطال على دعبل الاستتار، فاضطر إلى الهرب من الكوفة، ولم يرجع إليها إلا بعد أن علم أنه لم يبق من أولياء الرجل أحد.
واتصل الشاعر بالرشيد وهو شاب لم ينبه ذكره بعد، وسبب اتصاله به أن بعض المغنين غنى في قوله: «لا تعجبي يا سلم من رجل.» فغني به بين يدي الرشيد، فطرب له وسأل عن قائله، فقيل له: «دعبل بن علي، وهو غلام نشأ من خزاعة.» فأمر بإحضاره، وخلع عليه وأجازه، وأجرى عليه رزقا سنيا؛ فكان أول من حرضه على قول الشعر حتى نبغ واشتهر اسمه.
ولم يتصل بعد موت الرشيد بغيره من الخلفاء؛ لأنه كان متعصبا للعلويين، يريد الإمامة فيهم، ويؤلمه ما نالهم من التقتيل؛ فنقم على بني العباس، وهجاهم، وأقذع فيهم القول، فبقي دهره كله خائفا، هاربا متواريا، وكان يقول: «أنا أحمل خشبتي على كتفي منذ أربعين سنة
108
ولست أجد أحدا يصلبني عليها.»
وظل يتنقل من بلد إلى آخر مستخفيا عن أعين الخلفاء حتى مات، وكان الشراة
109
والصعاليك يلقونه فلا يؤذونه، ويؤاكلونه، ويشاربونه، ويبرونه، وكان إذا لقيهم وضع طعامه وشرابه ودعاهم إليه ، ودعا بغلاميه نفنف وشعف - وكانا مغنيين - فأقعدهما يغنيان، وسقاهم، وشرب معهم، وأنشدهم.
Unknown page