Udaba Carab Fi Acsur Cabbasiyya
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Genres
وأنى شئت يا طرقي فكوني
أذاة أو نجاة أو هلاكا!
مقتله
اختلف الرواة في مقتل المتنبي، فمن قائل إن قاتله فاتك بن جهل الأسدي، ومن زاعم أن عضد الدولة لما وفد عليه أبو الطيب وصله بثلاثة آلاف دينار، وثلاثة أفراس مسرجة محلاة، وثياب مفتخرة، ثم دس عليه من سأله: «أين هذا العطاء من عطاء سيف الدولة؟» فقال: «هذا أجزل إلا أن عطاءه متكلف، وسيف الدولة كان يعطي طبعا.» فغضب عضد الدولة، فلما انصرف أبو الطيب من شيراز، جهز عليه قوما من بني ضبة فقتلوه. وقيل إن الخفراء جاءوه، وطلبوا منه خمسين درهما ليسيروا معه، فمنعه الشح والكبر، فوقع له في الطريق ما وقع. على أن الرواية الأولى أشهر، وتحرير الخبر أن رجلا يقال له ضبة بن يزيد العتبي كان قد خرج في الكوفة مع خوارج الأعراب من كلاب، فقتل والده في تلك الفتنة، قتله قوم من الكوفة، وسبيت أمه.
وكان ضبة غدارا بكل من نزل به، فاجتاز به أبو الطيب في جماعة من أشراف الكوفة، فامتنع منهم، وأقبل يجاهر بشتمهم، فأرادوا أن يجيبوه بمثل ألفاظه القبيحة، وسألوا ذلك أبا الطيب، فتكلفه لهم على كراهة وقال يهجو ضبة وهو على ظهر جواده: «ما أنصف القوم ضبة.» وهي قصيدة فاحشة الألفاظ، كثيرة الغثاء حتى إن أبا الطيب كان يكره سماعها إذا رويت له. وقد سببت قتله مع ما فيها من سخف وسفسفة؛ ذلك أنه كان لضبة خال يقال له فاتك بن جهل الأسدي، فداخلته الحمية لما سمع ذكر أخته بالقبيح، فأضمر الشر لأبي الطيب، ولبث يتربص به في جماعة من قومه، قيل إنهم عشرون، وجعلهم عبد الله الكاتب النصيبي في قصيدة رثى بها المتنبي سبعين رجلا، وجعل رفاق أبي الطيب ستة.
وعاد المتنبي من شيراز ومعه بغال موقرة بالذهب والطيب، والكتب الثمينة، والخلع النفيسة، فلما بلغ النعمانية في جبال الصافية، من الجانب الغربي من سواد بغداد، على مقربة من دير العاقول، خرج عليه فاتك في أصحابه، فقاتل المتنبي حتى قتل هو وابنه محسد، وغلامه مفلح. وروى صاحب العمدة أن أبا الطيب فر لما رأى الغلبة، فقال له غلامه: لا يتحدث عنك الناس بالفرار أبدا وأنت القائل:
الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فكر راجعا فقتل، وكان ذلك في 28 رمضان سنة 354ه/27 أيلول 965م.
ورثى أبا الطيب عدة شعراء منهم صديقه أبو الفتح عثمان بن جني النحوي، ومظفر بن علي الطبسي، وعبد الله الكاتب النصيبي، وثابت بن هارون الرقي النصراني. وهذان استجاشا عضد الدولة على بني أسد؛ لأنهم قتلوا ضيفه، وحووا عطاءه، ولكن عضد الدولة لم يصنع شيئا، وذهب دم الشاعر وأصحابه هدرا.
Unknown page