110

Turath Fi Tafsir

تراث أبي الحسن الحرالي المراكشي في التفسير

Investigator

محمادي بن عبد السلام الخياطي، أستاذ بكلية أصول الدين تطوان

Publisher

منشورات المركز الجامعي للبحث العلمي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Publisher Location

الرباط

طوائف من هذه الأمة صنن من تقدمهم في ذلك. أما وجه تكرار دين الذين أشركوا في هذه الأمة، فباتخاذهم أصناما وآلهة يعبدونها من دون الله، محسوسة جمادية، كما اتخذ المشركون الأصنام والأوثان من الحجارة والخشب، فاتخذت هذه الأمة بوجه ألطف وأخفى، أصناما وأوثانا، فإنها اتخذت الدينار والدرهم أصناما، والسبائك والنقر أوثانا، من حيث أن الصنم هو ماله صورة، والوثن ما ليس له صورة، قال ﷺ: "صنم أمتي الدينار والدرهم" وقال، ﷺ: "لكل أمة عجل يعبدونه من دون الله، وعجل أمتي الدينار والدرهم" فلا فرق بين ظن المشرك أن الصنم الذي صنعه بيده ينفعه، وظنه المفتونين، من هذه الأمة، أن ما اكتسبوا من الدينار والدرهم ينفعهم، حتى يسير مثلهم: "ما ينفعك إلا درهمك" ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ﴾. فما من آية نزلت في المشركين، في ذكر أحوالهم، وتبيين ضلالهم، وتفاصيل سرهم وإعلانهم، إلا وهي منطبقة على كل مفتون بديناره ودرهمه، فموقع قول المشركين في أصنامهم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾. مثله موقع نظيره من قول المفتون: ما أحب المال إلا لأعمل الخير، واستعين به على وجوه البر، ولو أراد البر لكان ترك التكسب والتمول له أبر، قال ﷺ: "إنما أهلك من كان قبلكم الدينار والدرهم، وهما مهلكاكم" فكل من أحبهما وأعجب

1 / 131