101

Turath Fi Tafsir

تراث أبي الحسن الحرالي المراكشي في التفسير

Investigator

محمادي بن عبد السلام الخياطي، أستاذ بكلية أصول الدين تطوان

Publisher

منشورات المركز الجامعي للبحث العلمي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Publisher Location

الرباط

فمن القرآن ما أنزل على الوجه الذي بعث له، وجبل عليه ووصى به، نحو قوله تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾. وقوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾. وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾. وقوله تعالى: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾. وقوله تعالى: ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ﴾. وأصل معناه في مضمون قوله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾. فما كان من المنزل على هذا الوجه تعاضدت فيه الوصية والكتاب، وقبله هو، ﷺ، جبلة وحالا وعملا، ولم تكن له عنه وقفة، لتظافر الأمرين، وتوافق الخطابين: خطاب الوصية، وخطاب الكتاب. وهذا الوجه من المنزل خاص بالقرآن العظيم، الذي هو خاص به، ﷺ، لم يوته أحد قبله. ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾. ومن القرآن ما أنزل على حكم العدل والحق المتقدم فضله في سنن الأولين، وكتب المتقدمين، وإمضاء عدل الله، سبحانه، في المؤاخدين، والاكتفاء بوصل الواصل، وإبعاد المستغني، والإقبال على القاصد، والانتقام من الشارد، وذلك خلاف ما جبل الله عليه نبيه، وما وصى به حبيبه، فكان، ﷺ، إذا أنزل عليه أي من الكتاب على مقتضى الحق وإمضاء العدل، ترقب تخفيفه، وترجى تيسيره، حتى يعلن عليه بالإكراه في أخذه، والتزام حكمه، فحينئذ يقوم لله به، ويظهرعذره في إمضائه، فيكون له في خطاب التشديد عليه في أخذه أعظم مدح، وأبلغ ثناء من الله، ضد ما يتوهمه الجاهلون.

1 / 122