158

Tupiqa li-Aristutalis

طوپيقا لأرسطوطاليس

Genres

وليس ينبغى أن يذهب علينا أن الذين يجرون فى الحدود هذا المجرى لا يمكنهم أن يدلوا فى المحدود على الماهية (إن لم يتفق أن يكون الشىء الواحد بعينه معروفا عندنا ومعروفا على الإطلاق) إذ كان يجب على الذى يحد على الصواب أن يحد بالجنس والفصول. وهذه هى من الأشياء التى هى أعرف وأقدم من النوع وأعرف منه أيضا. وذلك أن النوع إذا عرف فواجب ضرورة أن يعرف الجنس والفصل، لأن من عرف الإنسان فقد عرف الحى والمشاء؛ وإذا عرف الجنس أو الفصل فليس يجب ضرورة أن يعرف النوع أيضا. فالنوع إذن لا يعرف أكثر منهما. وأيضا قد يلزم بالحقيقة الذين يقولون إن التى تجرى هذا المجرى تحديدات: أعنى التى توجد من الأشياء المعروفة عند كل واحد — أن يقولوا إن تحديدات كثيرة تلزم شيئا واحدا بعينه. وذلك أن الأشياء التى هى أعرف مختلفة عند الناس وليست واحدة بعينها عند جميعهم. فالحد لذلك عند كل واحد موصوف بخلاف ما هو عند الآخر إن كان ينبغى أن يعمل الحد من الأشياء التى هى أعرف عند كل واحد. وأيضا تكون أشياء مختلفة فى أوقات مختلفة عند قوم بأعيانهم أعرف. وذلك أن فى أول الأمر تكون المحسوسات كذلك. فإذا صاروا متحركين صار الأمر بالعكس، فيجب أن لا يكون حد واحد بعينه أبدا موصوفا لواحد بعينه عند الذين يقولون إن الحد ينبغى أن يكون موصوفا بالأشياء التى هى أعرف عند كل واحد. فمن البين أنه ليس يجب أن يكون التحديد بمثل هذه الأشياء، لكن من الأشياء التى هى أعرف على الإطلاق. فإن بهذا الوجه وحده يكون الحد واحدا بعينه أبدا. ولعل الشىء المعروف على الإطلاق ليس هو الذى لا يعرف عند أحد، لكن المعروف عند الحسنى الحال فى الفهم بمنزلة الشىء الصحى على الإطلاق عند الحسنى الحال فى أجسامهم. فينبغى أن نستقصى البحث عن كل واحد من أمثال هذه وأن نستعملها إذا تكلمنا فيما ينفع. وقد يمكننا بإجماع أن نرفع التحديد متى لم نجعل القول من التى هى أعرف على الإطلاق ولا من التى التى هى أعرف عندنا.

وأحد مواضع ما لا يكون بالأشياء التى هى أعرف ما يدل على الأشياء المتقدمة بالمتأخرة كما قلنا آنفا. وموضع آخر وهو أن ينظر إن كان قول ما هو فى السكون وما هو محدود وصف لنا، يعنى محدود وما هو فى السكون. وذلك أن الثابت والمحدود أقدم وأعرف من غير المحدود ومما هو فى الحركة.

Page 635