116

Tunis Thaira

تونس الثائرة

Genres

إن هذا النص إذن يتعلق باحتلال مؤقت لبعض النقط الاستراتيجية في البلاد؛ لكي تتمكن السلطات العسكرية من إعادة الأمن إلى نصابه في الحدود والسواحل، وبين هذا الذي ورد في المعاهدة وبين كل ما جري بعد ذلك من القضاء على كل سلطة عسكرية وتسريح جنودها وإسناد كل السلطات التي تتمتع بها الحكومة التونسية إلى المقيم العام والمراقبين المدنيين في حفظ الأمن بالبلاد، توجد هوة سحيقة حفرتها فرنسا، وهو خزي لا يمكن أن يقبل.

ولهذا يجب أن يكون الاستقلال الداخلي للبلاد التونسية لا في حكومة منسجمة فقط - وهو الأمر الذي يحفظ مبدأ عدم وجود أية سيادة أخرى غير السيادة التونسية - ولكن أيضا في إرجاع الامتيازات المخصصة لكل دولة تتمتع بالسيادة إلى هذه الحكومة، وأول هذه الامتيازات مسئولية حفظ النظام والأمن في البلاد. فإن كانت فرنسا عازمة حقا على الاعتراف بهذا الحق والقيام بنقل السيادة التي يتضمنها هذه الاعتراف، لم يبق لها تعيين تاريخ معقول لا يمكن أن يتجاوز 31 ديسمبر من السنة الجارية لتحقيق هذا النقل بصورة كاملة وفعلية.

وهذا يمكن للحوار أن يستأنف بهذا الشرط إذا أريد له النجاح، كذلك يمكن للصداقة الفرنسية أن تتجدد قوتها، وتحظى بموافقة طبقات الشعب التونسي، وتسمح بذلك لظهور تعاون حر بين الشعبين.

لقد طلب منا «إدجار فور» أن نفصح له عن نواياتها، وهذا ما تم الآن.

وقد استطرد المسيو فور قائلا: «إنه إذا كانت نوايانا صادقة لا يوجد ثمة داع لكيلا نبرز هذه الإرادة المشتركة إلى الواقع، فإن إخلاصنا لا تشوبه شائبة، ولكن إخلاص فرنسا هو الذي ظل غامضا دائما.

هذا في حين أن المماطلة والغموض والتحايل المفضوح عمرها قصير جدا، ولا نتيجة لها غير إثارة الشكوك والحذر وتوتر الأزمة التي لا تزال في بدايتها.

إن الوقت قد حان إذن بالنسبة لفرنسا لكي تراجع كل سياستها تجاه تونس، ولكي تختار بين سياسة المناهضة التي لا يمكن أن تجر إلا الويل والكوارث، وبين سياسة التفاهم والرشد القائمة على الاحتفاظ بوجودها، لا في ميدان الوظيف والحكم المباشر والجندرمة واللفيف الأجنبي ولكن بالإخلاص والنزاهة مع حكومة صديقة يساندها شعب صديق.

إن المستعمرين القاصري النظر يصرحون بأن استقلالا داخليا من هذا النوع لا بد أن يؤدي إلى الاستقلال؛ وهذا صحيح، ومن الملائم أن تعالج قضية الاستقلال هذه منذ الآن: أن تهيأ لها الحلول الأساسية الجوهرية وتسطر لها الخطوات المحددة؛ لأن المسألة ليست في الاختيار بين الاستقلال للبلاد التونسية وحكمها حكما مباشرا، بل في الاختيار بين أن يكون هذا الاستقلال بقيادة فرنسا وتسييرها، حتى يمكن التعاون الحر بين الطرفين والمحافظة على المصالح الأساسية لفرنسا وللعالم الحر، وهو ما لا يزال ممكنا، بل وتتمناه جماهيرنا الساحقة - وبين استقلال يفتك افتكاكا في حماة الدماء والأحقاد وبمساعدة خارجية، قد ترمي بالبلاد التونسية في أحضان كتلة أخرى ليست من صالح فرنسا في شيء.

إن الاستقلال بالنسبة للبلاد التونسية كما هو بالنسبة لجميع الشعوب المضطهدة الفاقدة لحريتها، قد أصبح أمرا حتما لا مناص منه، ومن المستحيل على الشعب التونسي - وقد بلغ التنظيم والوعي إلى الحد الذي هو فيه، والذي ينمو معه ويطرد يوما بعد يوم - أن يستكين للعبودية والرق، ولكن إذا كانت الحكومة الفرنسية المعززة بجبروت جناحها الأيمن، تظن أنها تستطيع مناهضة الشعب التونسي بالقوة، فإنه لا نتيجة لهذا الوهم إلا ما هو أنكى وأضر؛ لأن استقلال تونس لا بد أن يتحقق بالرغم من فرنسا، وبالرغم من إرادتها.»

الفظائع

Unknown page