مكة فوقفت في موضع البيت ونودي ابْنِ على ظلِّها ولا تزد ولا تنقص، فكان يبني وإسماعيل يناوله الحجارة فلما فرغ منه أوحى الله تعالى إليه أذِّن في الناس بالحج، فقال يا ربُّ: وما يبلغ صوتي، فقال: عليك الأذان وعلي البلاغ. فعلى (٩/ ب) ثبيرًا ونادى: يا عباد الله إن لله بيتًا فحجوه. قال مجاهد، فلبَّى كل رطب ويابس وأسمع من بين المشرق والمغرب، فأجابوه من أصلاب الرجال: "لبيك اللَّهم لبيك"، فإنما يحجّ اليوم من أجاب يومئذ (١).
وروى الفاكهي من حديث علي: كان إبراهيم ﵇ يبني كل يوم سافًا (٢).
ومن حديث عبد الله بن عمر: وعنده وعند ابن أبي حاتم أنَّه بناه من خمسة أجبل: من حراء، وثبير، ولبنان، وجبل الطور، وجبل الخمَر.
قال ابن أبي حاتم: جبل الخمَر: بفتح الميم هو جبل بيت المقدس.
قلت: والمراد بالخَمَر بالتحريك الشجر.
وفي حديث أبي جهم: ذهب إسماعيل ﵇ إلى الوادي يطلب حجرًا فنزل جبريل ﵇ بالحجر الأسود، وقد كان رفع إلى السماء حين غرقت الأرض. فلما جاء إسماعيل فرأى الحجر الأسود، قال من أين هذا؟ مَن جاءَك به؟ قال إبراهيم ﵇: من لم يكلني إليك ولا إلى حجرك (٣).
_________
(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٤٨٥).
(٢) " أخبار مكة" الأزرقي (١/ ٦١).
(٣) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٢٣٢)، "الدر المنثور" (١/ ٣٠٦).
1 / 61