أخرجها أبو داود وغيره فلم يكن في تلك الأزمنة المتبركة ضرورة إلى جماعة النساء وحدهن في بيوتهن، فلذلك لم يحصل لها الشيوع كجماعة الرجال، ولولا ذلك لشاعت كشيوع جماعة الرجال، فلا يلزم من عدم شيوعها عدم مشروعيتها لا سيما في أزمنة منعت النساء عن حضور الجمع والجماعات، وحرمت عن الشركة مع الرجال في محال البركات والعبادات.
والطريق الرابع
ما مر نقله(1)عن ((التبيين))، وذكره أيضا صاحب((الدراية)) وغيره أنه لو كانت جماعتهن مشروعة لشرع لهن الأذان؛ لأنه دعاء إلى الجماعة.
وفيه على ما أقول نظر من وجوه :
الأول: أن اللازم ملتزم لما رواه الحاكم في ((المستدرك)) عن عبد الله ابن إدريس عن عطاء عن عائشة: ((أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء فتقوم وسطهن))(2)، كذا ذكره العيني(3).
والثاني: أنه ماذا أريد من شرعية الأذان لهن؟ إن أريد به شرعية أذان رجل لجماعتهن، فاللازم ملتزم بشهادة حديث أم ورقة، ((فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل لها مؤذنا، وأمرها أن تؤم أهل دارها))(4).
وإن أريد به شرعية أذانهن، فذلك غير لازم لشرعية الجماعة، فليس يلزم أن يؤذن أهل الجماعة حتى لو أذن صبي مميز لجماعة الرجال لكفى، فلا يلزم من عدم مشروعية أذانهن عدم مشروعية جماعتهن.
والثالث: أن مشروعية الجماعة مطلقا لا يستلزم مشروعية الأذان لها، بدليل جماعة صلاة العيدين، وصلاة الكسوف، وصلاة الاستسقاء، فإن الجماعة فيها مشروعة دون الأذان، فكذا يجوز أن تكون جماعتهن مشروعة دون الأذان.
Page 40