فإن قال: إن جماعة النساء وجماعة الرجال متشاركان في الجنسية، فشيوع أحدهما دون الآخر يدل على عدم مشروعية آخرهما، والمستحبات الأخر ليست من جنسها، فلا يضر فيه عدم الشيوع كشيوعها.
قلنا له: فإذن يلزم أن لا يكون جماعة الصبيان المميزين والمراهقين مشروعة؛ لأنها لو كانت مشروعة لشاعت كشيوع جماعة الرجال البالغين، وإذ ليس فليس لاتحادهما في الجنسية، وهذا لم يقل به أحد فيما علمنا.
فإن قال: الصبيان في حكم الرجال فشيوع جماعتهم شيوع جماعتهم.
قلنا: ليس كذلك في جميع الأحكام ألا ترى أنه لا تصح إمامتهم ولا ينبغي تقديم صفهم إلى غير ذلك من الأحكام.
فإن قال: هم في حكمهم إلا فيما ورد دليل بتخصيصهم.
قلنا له: كذلك النساء في حكمهم إلا فيما ورد الدليل بانفرادهن عنهم.
وبالجملة لا يكفي شيوع جماعة الرجال في حق الصبيان، وإن كفى كفى في حق النسوان.
والثالث: أن الملازمة بين مشروعية جماعة النساء وبين شيوعها كشيوع جماعة الرجال ممنوعة، لا بد من إقامة الاستدلال عليها ودونه مزخرفة.
والرابع: أن الجماعة في حق الرجال سنة مؤكدة بل واجبة على ما هو مختار محققي علماء الملة، ودلت عليه الأخبار النبوية، وهي في حقهم من شعائر الملة، فلذلك شاعت شيوعا تاما، ولا كذلك جماعة النساء، فإنها ليست بسنة مؤكدة، ولا واجبة، فإن دل عدم شيوعها دل على عدم استنانها وعدم وجوبها، لا على عدم استحبابها وعدم مشروعيتها.
Page 36