ليختص بمنفعتها ويقطع ما للناس من الحق في الارتفاق بها لأن الأفنية لا تحجر وإنما لأربابها الانتفاع بها وكراؤها فيما لا يضيقها على المار فيها من الناس قلت ففي مقتضى هذا الفقه منع عمل هذه الأبواب التي بأفواه السكك لكن قد يقيد المنع بما لم تعلم له أصالة وضع باب فلا يترك لذلك يريد الإحداث يدل عليه آخر الكلام في الرواية حيث قال ولم يكن على الرحبة باب ولا لحاف أو يكون مقيدا بما جعلت الباب عليه للتحجير الذي يشبه تحجير الدور لأن الباب في الغالب إنما هي آلة للتحجير فمتى فقد كونها آلة لذلك ساغ عملها كما في أدراب بلدنا فإنها لا توجب حجرا بالنهار على مصالح العامة وسائر المارة وإنما مصلحة أبوابها لسدها ليلا.
وفائدة ذلك لدفع ضرر الاختلاس والتحبس للفسق والسرقة معلومة أو يقال إنما ذلك في الشارع المتسع النافذ وأما الضيق وما كان من السكك غير نافذ فلا فناء له فلا يتناوله المنع من التحجير باب ولا غيره لأنهم قالوا إن غير النافذة كالملك لأهلها.
إلقاء الأزبال بالأفنية والطرق
ومن ذلك إلقاء الأزبال بالأفنية والطريق فتتأذى المارة إما بالتضييق أو اللوث والتنجيس فما كان فيه بلل منها ورمي ذلك على ملقيه إن علم وإلا فعلى المجاورين للمكان كنسه ورميه يؤخذ به الأقرب فالأقرب وعلى هذا القول العمل.
ومن ذلك ما يجمع بالطرق من تكديس الرحاضات وطين المطر ونحوه قال في "تنبيه الحكام" لا يتخذ بعض الناس مما يؤدي إلى أذى المسلمين والتضييق في الشوارع عليهم كتكديس الرحاضات المستخرجة من سروب المحلة وقنوات تلك الحارة وتركها كذلك في المواضع الضيقة بحيث يتنجس المار وقد (يقع) فيها الصبيان والماشي ليلا وربما كان المطر وسال بعض ذلك مع الماء وخالط كثيرا من طرقات المسلمين فعظمت المضرة به واشتدت المصيبة.
قلت ولم يذكر على من كنسه وفي "أحكام السوق" للشيخ يحيى بن عمر قال في طين المطر يكثر بالأسواق وربما أضر بالمارة والحمولة ليس على أرباب الحوانيت كنسه لأنه ليس من فعلهم فلو جمعه أصحاب الحوانيب وسط السوق أكداسًا فأضر بالمارة والحمولة وجب عليهم كنسه قال بعض الشيوخ من المتأخرين وعلى الأول فهل هو على المكترين أو على أرباب الأملاك وعندي أنه يتخرج على كنس المراحيظ وما فيها من الخلاف
1 / 65