زياد عن الذي سألتني عنه فقلت له إنه الناس عن ذلك فقال لي إنهم لم ينتهوا إلا أن أضربهم فقلت له فأفعل فضربهم.
قال الشيخ ابن رشد –رضه- الأدب في ذلك واجب لوجهين أحدهما ما ثبت من قول النبي صلعم: لا تحلفوا بالطلاق والعتاق لأنها من أيمان الفساق ذكره ابن حبيب في واضحته وما روي من قوله: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. الثاني أنه من اعتاد الحلف بالطلاق لم يكد يخلص من الحنث فتكون زوجته تحته مطلقة من حيث لا يشعر وقد قال مطرف وابن الماجشون: إن من لزم ذلك واعتاده فهو جرحة فيه وإن لم يعرف حنثة. وقد قيل لذلك لمالك إن هشام ابن عبد الملك كتب أن يضرب في ذلك عشرة أسواط وقال قد أحسن إذ أمره فيه بالضرب.
وروي أن عمر كتب أن يضرب في ذلك أربعين سوطا قلت وينبغي أن يقيد إطلاق المنع بما ورد من هذا النهي وما صدر من تحديد الأدب بأن يكون الحالف بذلك قد قام به وصف الطوع. أما إن كان مكرها على الحلف بذلك أو كالمكره كما لا يحصى كثرة من مثل سؤال الجباري لشخص على وقوعه في أمر يوجب قبل العقوبة منه أو التلف أن أقره فيسارع للحلف بالطلاق أو الأيمان اللازمة على عدم الوقوع لنجاة نفسه.
فهذه الصورة وإن كان لفظ تلك الأيمان فيها محرما بالأصالة لكنه مباح فيها أو واجب كإباحة الخمر للمغتص مع أنه لا خلاف في تحريمه على أهل هذه الملة.
من المناكر إيقاع الطلاق الثلاث في كلمة
ومن ذلك أن يوقع الرجل طلاق امرأته ثلاثا في كلمة واحدة لأن فيه مخالفة أمر مولانا ﷻ في كيفية إرسال الطلاق حيث يقول في كتابه ﴿يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ...﴾ [الطلاق: ١]، إلى قوله: ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ [الطلاق: ١] أي الرجعة فدلت الآية الكريمة على أن من خالف أمر الله في إيقاع أكثر من واحدة فقد تعدى حدوده وظلم نفسه.
ثم قوله لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا تنبيه على أن المتعدي أفسد على نفسه
1 / 59