يدل أنه قصد إخراجه عن ملكه وتحبيسه ولهذا لا يحل أن يملك بعد الإباحة ما فوقه دون ما تحته.
ولا يبني فوق ظهر المسجد بيتًا ليسكن فيه لأنه يصير مسكنًا يجامع فيه ويأكل ويشرب.
وقد كان عمر بن عبد العزيز إمام هدى فكان يبيت فوق ظهر مسجد النبي ﵇ فلا تقربه فيه امرأة. قلت: ما ذكر عن عمر بن عبد العزيز ذكر مثله في جامع العتبية قال: قال مالك كان عمر بن عبد العزيز يفرش له على ظهر المسجد في الصيف فيبيت فيه. ولا تأتيه فيه إمرأته ولا تقربه وكان فقيهًا. قال ابن رشد رحه: لا اختلاف في أن لظهر المسجد من الحرمة ما للمسجد ألا ترى أنه لم يجز في المدونة للرجل أن يبني مسجدًا ويبني فوقه بيتًا يرتفق به: واحتج للمنع من ذلك بفعل عمر بن عبد العزيز هذا. وقال إنه لا يورث المسجد ولا البنيان الذي يكون على ظهره ويورث البنيان الذي تحته وإنما اختلف هل لما فوق المسجد من ظهره حكم المسجد في جواز صلاة الجمعة فيه على قولين: أحدهما قوله في المدونة أنه يعيد من يفعل ذلك ظهرًا أربعًا. وأشهب يكره ذلك ابتداء ولا يرى عليه إعادة إن فعل في وقت ولا غيره وهو اختيار أصبغ وفي كتاب السرقة من المدونة دليل على هذا القول وهو قوله في الذي ينشر ثيابه على ظهر بيته وهو محجور عن الناس فسرقها سارق أنه يقطع وفي المبسوطة لأنس بن مالك وعروة بن الزبير أنهما كانا يصليان الجمعة بصلاة الإمام في بيوت حميد بن عبد الرحمن وبينهما وبين المسجد الطريق وذلك خلاف مذهب مالك وأصحابه وبالله التوفيق.
الثاني إن قلت: ما وقع اختلاف نقله بما تنزه المساجد إيقاعه بها منه ما هو محرم ومنه ما هو مكروه وما للمكروهات والمناكر التي تغير. قلت: وإن كانت المناكر التي يجب تغييرها ويضرب المغير على أيدي فاعليها جبرا وقهرا هي المحرم فعلها لكن المكروهات والمندوبات يدخلها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على سبيل الإرشاد لما هو أولى من غير تعنيف ولا توبيخ بل يكون ذلك من باب التعاون على البر والتقوى قاله القرافي في قواعده.
1 / 57