ورأيت حكاية لابن سعدون القروي أن الركن الأسود أرسله اللعين الجبائي إلى عبيد الله الشيعي رأس الشيعة للمهدية فلم يلبث أياما حتى مات عبيد الله فلما دفن طرحته الأرض ثم دفن فطرحته ثلاثًا فقيل إن هذا لأجل هذا الحجر فردوه وعند ذلك استقر عبيد الله في الأرض لعن جميعهم وأما تعليق أستار الحرير فيه فظاهر كلام عز الدين المتقدم الجواز.
تجمير المسجد
وأما تجميره ففي المدونة ويتصدق بثمن ما يجمر به المسجد أو يخلق أحب إلي. عياض يعني أنه أعظم للأجر لأنه يكره تجمير المسجد وتخليقه بل هذا كله مما يندب إليه وفعله الصدر الأول ولكن رأى مالك أن الصدقة أفضل وتجميره هو تبخيره بالبخور وتخليقه جعل الخلوق في حيطانه وهو الطيب المعجون بالزعفران.
قال أبو عمران ومعنى قوله ويتصدق بثمن ما يجمر به المسجد أو يخلق أحب إلي يريد أفضل من تجميره وتخليقه وفي تجميره أجر كثير ولم يرد بقوله نفي الأجر في التجمير ولكن رأى غيره أفضل منه كما تقول كذا أفضل من كذا وإن كان لكل واحد منها فضل.
تنبيهان
الأول منهما إن قلت ما الذي يكون بناء شكل هذا المسجد الذي له هذه الحقوق في الاحترام والإعظام وقفًا وحبسًا وهل لظهره ولما تحته من الحرمة. مالك قلت يثبت التحبيس فيه بتنصيص المحبس دون إشكال أو بإباحته للناس الإباحة الدالة على التنصيص. قال في المدونة والمسجد حبس لا يورث إذا كان صاحبه قد أباحه للناس قلت: قوله إذا كان صاحبه قد أباحه للناس مفهومه أنه لو لم يبحه وكان محجورًا فإنه لا تكون له حرمة المسجد.
ووقع في العتبية عن ابن القاسم وسحنون لا بأس أن يجعل الرجل في بيته محرابًا يصلي فيه ابن رشد: ويحترم باحترام المسجد. قال الفقيه أبو عبد الله الأبي وكان الشيخ بن عرفة يقول إنه لا يحترم باحترام المسجد وما نقله ابن عرفة مخالف لما قال ابن رشد وموافق لمفهوم الكتاب قال أبو الطاهر بن بشير في تنبيهه أجمعت الأمة على جواز تحبيس السقايات والمساجد فمن بنى مسجدا فلا يخرج عن ملكه بنفس البناء إلا أن يظهر منه قول أو فعل
1 / 56