لذلك من إثم إغرائهم على الازدياد ما انتحلوه في مساعي هواهم وسد باب تقواهم فهذا عين الادهان وما كان في معناه مداهنة واستعمال الناس له كثير.
وأما الثانية التي هي المداراة فإنما هي أن ينيل بالمداراة عرضًا من دنيا يجتلب به مودة ما يستكفي شره ويستدفع ضره أو يستحصل فائدة منه ألجأه الوقت إليها من غير أن يكون وراء ذلك شيء مما في طريق المداهنة من الاختلاف بقوله لهم ما يحبون وحقيقة الأمر على خلافه. قال عياض في إكماله فما فعله رسول الله صلعم من بسط ردائه للذي قال عند وروده وقبل اللحاق به بئس أخو العشيرة من المداراة لا من المداهنة لأنه لم يقع في دفع تقية ما يتقى منه إلا بسط الرداء والجلوس في محل القرب ولهذا أجاب صلعم عائشة عن تعجبها مما فعله ﵇ بعد أن قال ما قال بقوله إن أخبث الناس من يكرمه الناس اتقاء فحشه أي إكراما كإكرامي هذا. فالمدارة جائزة والمداهنة حرام.
يجب تطهير المساجد من المراء والمجادلة
ومما يجب تطهير المساجد منه كتطهيرها من الغيبة والنميمة ما يقع بين متكلمين في بحث من المراء والمجادلة. وحقيقة المراء الاعتراض على كلام الغير بإظهار خلل فيه إما في اللفظ أو في المعنى. قال الإمام أبو حامد الغزالي رضه والباعث عليه إثارة الترفع بإظهار الفضل وسببه إما خبث الرعونة وإما إثارة الشمعية التي في الطبع المتشوفة إلى نغص الغير وقهره بالمراء والمجادلة بل الواجب أن يصدق ما سمعه من الحق ويسكت عما سمعه من الخطا إلا إذا كان في ذكره فائدة دينية وكان ممن يسمع منه فيذكره برفق لا بعنف هـ.
وفي الخبر النبوي عنه صلعم من ترك المراء وهو محق بني له بيت في أعلى الجنة ومن تركه وهو مبطل بني له بيت في رفض الجنة. قال أبو حامد لأن الترك للمحق أشد وقال لا يستكمل العبد حقيقة الإيمان حتى يدع المراء وهو محق. قلت: لأن تعاطي الجدال والمراء ذريعة للعجب والتشميع وكلها محرمة وما أدى إلى الحرام فهو حرام.
شكل بناء المساجد وطريق وضعها
تتميم بما بقي ذكره من أحكام المساجد. وذلك في شكل بنائها وطريق وضعها. قال اللخمي: بناء المساجد للجماعة والجمعة واجب في كل قرية وأما إقامة الجماعات فيندب في محلة بعيدة عن جامع بلدها. قال الأبي في "إكمال الإكمال" المخاطب بنصب المسجد
1 / 53