معلى في منسكه ويرحم الله الشيخ الإمام المحدث الراوي الحافظ أبا القاسم بن عساكر فلقد أحسن من أنشأ في كلماته في هذا المعنى ونصه: اعلم يا أخي أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصهم مشهورة معلومة وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله قبل موته بموت القلب. فإذا أتى المغتاب لمن اغتابه متحللًا منه وتائبًا مما وقع في عرضه فينبغي أن يحله. قال الشيخ محيي الدين النووي: يستحب لصاحب الغيبة أن يبرئه منها ولا يجب عليه لأنه تبرع وإسقاط حق فكان إلى خيرته ولكن يستحب له الإبراء استحبابًا مؤكدًا الله سبحانه قال مولانا ﷻ ﴿والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين﴾ وقال تعالى: ﴿ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور﴾ وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلعم قال والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
حكم النميمة
والنميمة أخت الغيبة في التحرير وهي أن ينقل إليه من غير أن يتعرض لأذاه. قال ﵇: لا يدخل الجنة نمام قتات. وفي بعض الطرق قتات ولما فيها من إلقاء البغضة بين الناس.
فائدة- النميمة والغيبة تفارقان النصيحة كما تفرق المداهنة من المداراة. فالفرق بين النصيحة والأخريين أنهما يردان من قائلهما في غيبة المنقول عنه دون سؤال يسأل أو استعلام منه يستعلم بخلاف النصيحة فإنها لا ترد من الناصح إلا بعد استنصاح الناصح المستنصح فلم يقل رسول الله صلعم لفاطمة بنت قيس "أما أبو جهم فلا يضع عصاه عاتقه. وأما معاوية فصعلوك. انكحي أسامة" إلا بعد استنصاحها بنصحه.
ويحاشى سيد المرسلين أن يقول ذلك فيهما في غير جواب المستنصحة برءًا مما من عند نفسه لأن ذلك عين الغيبة. ومثله في طريق النميمة بطريق إفراغها في قالب النصيحة كما يرد من بعض أولى بعض المشتهرين بكراهة الشخص في إتيانهم له بإظهار النصح يقولون له أو أحدهم إني أنصحك سمعت فلانا يقول فيك كذا من خبائث القول فتوق لنفسك وارحم عرضك
1 / 51