أمور المؤمنين عادلًا عاملًا بكتاب الله وسنة رسوله فيلزمه أن يدفعه إليه ليقوم الإمام بما وضعه الله تعالى عليه فيه وإن توقع معرفة الوارث ومراجعته وجب حفظه إلى أن يظهر فيراجع فيه أو ييأس من ظهوره فيرجع إلى المصالح العامة إن دفع المهدي ذلك إلى متولي المسجد وهي الحالة الثالثة وهي من المشكلات إذ من الجائز أن يكون منذورًا وهو الغالب فيما يهدى فتجري عليه أحكام الحالة الثانية.
وأما إيقاد اليسير من المصابيح ليلًا مع خلو المساجد من الناس فهو جائز لما فيه من احترام المساجد وتزيينها عن وحشة الظلمة ولا يجوز ذلك نهارًا لما فيه من السرف وإضاعة المال فضلا عن التشبه بالنصارى.
وأما تعليق الستر في المساجد فإن علقت بحيث تشغل المصلي ويتشوش عليه فلا شك في كراهة ذلك لما فيه من تفويت الغرض الذي بنيت المساجد لأجله وإن علقت في جهة لا تشغل المصلي فلا بأس به ولا يحل الانتفاع بها إلا بإذن مالكها لأنها باقية على ملكه ولم يأذن في الانتفاع بها بلفظ ولا قرينة حال بل قرينة حاله تقتضي النهي عن التعرض لها.
وإذا لم تتحقق الإباحة بلفظ ولا عرف لم يجز الإقدام على مال محرم. اللهم إلا أن تبلى بحيث لا يعلق مثلها في المساجد فإن سقطت جاز لكل أحد أخذها كما يجوز التقاط التمرة والزبيبة لقضاء العرف بإباحة ذلك والمسامحة فيه. وأكثر المحدثين بعيدون عن قواعد الشرع ومعرفة الأحكام فلا عبرة بأفعالهم بل ينكر عليهم ذلك لأنهم ليسوا أهلًا للاجتهاد هـ.
وإنما استوفينا نقل هذا الجواب بطوله لما احتوى عليه من الفوائد. قال: الشيخ أبو القاسم البرزلي ظاهر كلام عز الدين لما خصص المصابيح بالقلة أن إيقاد الكثير منها ليلًا من البدع وعليه رأيت شيخنا الشيخ الفقيه الصالح أبا عبدالله البطريني –رحه- كان يعمر مسجده بالقناديل غير الموقودة إلا ما لا بد منه.
وشاهدنا اليوم في إفريقية وقود الثريات والقناديل الكثيرة في جامع الزيتونة وغيره وينفق في ذلك أموال ولا مغير ولا منكر فيحتمل أن يكونوا عثروا على شيء بالجواز.
وأقول لا يلزم من جواب عز الدين في تخصيصه المصابيح بالقلة أن يكون الكثير ممنوعًا على الإطلاق وإنما هو ممنوع في صورة السؤال والسائل إنما سأل عن إيقاد المصابيح ليلًا مع خلو المسجد عن المصلين فحسن جوابه بإجازة القليل منها دون الكثير لأن ذلك مع فقد
1 / 40