وفي "النوادر" عن ابن وهب لا يوقد به نار ولا ينادى به لجنازة وحكى ابن رشد في كراهة النداء بما فيه قولين عن ابن القاسم قلت وما وقع عن ابن وهب من منع إيقاد النار به يعني غير المصابيح والله أعلم لأن إيقادها في المساجد جائز.
نصب الشموع والقناديل في المساجد
فقد سئل عز الدين بن عبد السلام عن نصب الشموع والقناديل في المسجد للزينة لا لوقود وفي تعليق الستور فيها: هل هو جائز أم لا. وكذلك فعل مثله في مشاهد العلماء وأهل الصلاح وما حكم ما يهدى للمساجد من الزيت والشمع الزائد عن الحاجة؟ هل يجوز بيعه من الذي يتولى ذلك؟ أو لا يجوز بيعه؟ وهل يجوز إيقاد السراج ليلًا في المسجد مع خلوه من المصلين؟ وإذا جاز فهل يجوز نهارًا أو يمنع لما فيه من مشابهة النصارى في إيقاد الكنائس نهارا؟ وهل يجوز تعليق الستر في المسجد وإذا لم يعرف مالكها فهل يجوز الانتفاع بكتابة العلم فيها. كما نقل عن بعض المحدثين أنه كان يكتب فيها الحديث.
فأجاب بأن قال: أما تزين المساجد بالشمع والقناديل فلا بأس به لأنه نوع من الاحترام والإكرام. وكذلك الستور وإن كانت من غير الحرير وإن كانت من الحرير احتمل أن تلحق بالتزيين بقناديل الذهب والفضة. وكذلك يجوز استعمال النسوج من الحرير وغيره إذا كان الحرير مطلوبا ولا يجوز مثل ذلك في الذهب والفضة إلا أن الكعبة لم تزل تستر إكرامًا لها واحترامًا ولا يبعد إلحاق غيرها من المساجد بها وإن كانت الكعبة أشد حرمة من المساجد.
وأما ما يهدى إلى المساجد من شمع وزيت فله أحوال: الأولى أن يقول المهدي هو منذور فهذا لا يجوز بيعه ولا التصرف فيه ويجب صرفه في جهة النذر فإن أفرط في الكثرة لم يجز بيعه كما لا يجوز التصرف في ربع الوقف على الثغر إذا اتسعت خطط الإسلام وخرج عن كونه ثغرًا.
وإن ظهر من المهدي أنه تبرع وهي الحالة الثانية لم يجز التصرف فيه إلا على وفق إذنه وهو باق على ملكه إلا أن يعين الاستعمال في جهة النذر فإن طالت المدة وعلم أن باذله قد مات فقد بطل إذنه كما لو أباح طعاما وغيره ثم مات قبل تناوله ونفاده فيما أذن فيه فإن عرف ورثته وجهوا في ذلك وإن جهلوا بحيث يئس منهم فقد صار لمصالح المسلمين العامة يصرفه من هو بيده مبتديا بما تحب البداية به في مثله ويتنزل فيه منزلة الإمام العادل فيصرفه في أهم المصالح التي يصرفها الإمام في مثلها أهمها فأهمها لا يحل له غر ذلك إلا أن يكون متولي
1 / 39