إلى المسجد لم يقض لها عليه بالخروج. وكان له أن يؤدبها ويمسكها وليس ذلك بخلاف لما في المدونة لأن معنى ما في المدونة إنما هو في المنع العام. وأما المرأة الشابة في خاصتها فيكره لها الإكثار من الخروج إلى السجد فتؤمر ألا تخرج إليه إلا في الفرض بإذن زوجها إن كان لها زوج. فقد كانت عاتكة بنت زيد بن عمر بن نفيل تستأذن عمر بن الخطاب –رضه- في الخروج إلى المسجد وهو زوجها فيسكت فتقول والله لأخرجن إلا أن تمنعني. فلا يمنعها ولا تخرج إلا ثفلة. فقد قال رسول الله –صلعم- إذا شهدت إحداكم العشاء فلا تمسن طيبًا. ووجه قول مالك –رحه- أن النساء الشواب لا يمنعن من الخروج إلى المساجد عموم قول النبي صلعم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله. وجه كراهيته لهذا الإكثار من الخروج ما خشي على الخروج للرجل من الفتنة بهن. فقد قال رسول الله صلعم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجل من النساء.
ووجه قوله إنهن يمنعن من الخروج إلى العيدين ما أحدثته من الخروج على غير الصفة التي أذن لهن في الخروج وهي أن يكن ثفلات غير متطيبات ولا يبدين لشيء من زينتهن وقد قالت عائشة رضها لو أدرك رسول الله صلعم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منعه نساء بني إسرائيل.
وتلخيص هذا الباب على تحقيق القول فيه: أن النساء أربع عجوز قد انقطعت حاجة الرجال منها وهي كالرجال في ذلك. ومتجالة لم تنقطع حاجة الرجال منها بالجملة فهذه تخرج إلى المسجد ولا تكثر التردد إليه كما قال في الرواية. وشابة من الشواب فهذه تخرج إلى المسجد في الفرض وفي الجنائز جنائز أهلها وقرابتها. وفاذة شابة في الشباب والثخانة فهذه الأخير لها أن لا تخرج أصلا هـ. فإن حضر المسجد منهن من يسوغ حضورها فلابد من ضرب حائط فاصل بينهن وبين الرجال. قلت: في قوله ولا تخرج إلا ثفلة قال عياض في أحكامه غير متزينة ولا متطيبة ولا مزاحمة للرجال. زاد محيي الدين النووي ولا يكون بالطريق ما تتقى مفسدته. قال بعض الشيوخ في معنى الطيب اشتمالهن الملاحق ومليح الأكسية. قال عياض: إذا منعن من المسجد فمن غيره أولى. قلت: ويعارضه ما نورد نقله في صفات المتصرفين والمتصرفات عن مالك في المجموعة: أن الرجل لا يمنع زوجه من الخروج للتجر وأفتى الشيخ ابن عرفة بمنع خروجهن لمجالس العلم والذكر والوعظ وإن كن منعزلات عن الرجال. قال وإنما جاز ذلك في الصلاة. وذكر الأبي في "إكمال الإكمال" أنه لا يختلف اليوم في منع خروجهن للصلاة لأنهن لا يخرجن لذلك
1 / 37