وسئل عن ذلك ويكشف. فإن علم له عذر من وجع أو أمر أو اختفى من دين أو ما أشبه ذلك فأرى لا ترد شهادته فإن كان على غير ذلك أرى أن ترد شهادته إلا أن يكون ممن لا يتهم على الدين ولا على الجمعة لبروزه في الصلاح والعلم فهو أعلم بنفسه.
قال أصبغ والمرة الواحدة في ذلك إذا تركها متعمدًا من غير عذر تهاونًا بها ترد بها شهادته ولا ينتظر بها ثلاثا لأن تركه الفريضة مرة وثلاثا وأقل وأكثر سواء.
وهي فريضة مفترض إتيانها التارك أصلا (للصلاة) لأنه عاص لله قليل فعله دون كثيره ومتعمد لحدوده وقد قال الله تعالى: ﴿ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده ندخله نارا خالدا فيها﴾ والذي قيل فيمن ترك الجمعة ثلاثًا طبع الله على قلبه إنما هو في الإثم والنفاق وينتظر به في الثلاثة التوبة فإن فعل وإلا طبع على قلبه إنما هو في الإثم والنفاق وينتظر به في الثلاثة التوبة فإن فعل وإلا طبع على قلبه. وليس ذلك في الترك له هملا ولا في الإبطال لشهادته لا بل تطرح شهادته ويوقف ويعاقب إن شاء الله.
وقد بلغني عن بعض الأمراء ممن قضى من أئمة الدين أنه كان يأمر إذا فرغ من الجمعة أن من وجد لم يشهد الجمعة ربط في عمود وعوقب إن شاء الله. وأراه عمر بن عبد العزيز وقد قال الله تعالى: ﴿إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع﴾ قال الشيخ ابن رشد –رحه- قول سحنون: إن شهادة التارك للجمعة بقرية تجمع فيها الجمعة لا ترد إلا أن يفعل ذلك ثلاث مرات متواليات أظهر مما ذهب إليه أصبغ من أنها ترد بالمرة الواحدة. ومعنى ما ذهب إليه سحنون في ذلك أنه لم يعلم له عذر. ولم يكن معلومًا بالصلاح والفضل على ما قال ما قاله ابن القاسم لأن من لم يعلم بالصلاح والفضل إذا ترك الجمعة ثلاثًا متواليات لا يصدق فيما يدعيه من العذر بخلاف من علم بالصلاح والفضل فليس قول ابن القاسم وسحنون بخلاف لقول ابن وهب والله أعلم.
وإنما قلنا إن قول سحنون أظهر من قول أصبغ من أجل أن المسلم لا يسلم من مواقعة الذنوب فإذا ثبت هذا وجب ألا يجرح الشاهد العدل بما دون الكبائر من الذنوب التي يقال فيها إنها صغائر بإضافتها إلى الكبائر إلا أن يكثر منها فيعلم أنه متهاون بها وغير متوق منها لأن من كانت هذه صفته فهو خارج عن حد العدالة. ومما قال صلعم: من ترك الجمعة ثلاثا من غير عذر ولا علة طبع الله على قلبه بطابع النفاق. ودل على أن ما
1 / 33